تعتري المواطن السوري حالياً، مخاوف كبيرة من ارتفاع أسعار زيت الزيتون خلال الموسم الحالي، خصوصاً وأن شبكات تبدو منظمة تسعى لترويج أسعار مرتفعة قبيل بدء قطاف الموسم، وبعضهم تحدث عن 100 ألف ليرة ثمن الصفيحة سعة 16 كيلو غراماً، وهو ترويج غير بريء بل له غايات تجارية لا تأبه بحال المواطن ولا الظروف المعيشية بالغة الصعوبة.
ويستغرب أحد الخبراء الأكاديميين أن يكون زيت الزيتون ” عصيّ على الاستهلاك” على موائد الكثير من السوريين على اعتبار أنه منتج محلّي، وسورية تحتل مرتبة متقدمة عالمياً في إنتاج هذه المادة الغذائية المهمة.
وينحو متابعون باللائمة على منظومة التسويق المرتبكة أو غير المتوازنة لهذا المحصول الذي يستحق أن يحظى بلقب ” استراتيجي بامتياز”، في إشارة إلى أنّ لدينا مجلس زيت الزيتون الذي لا يقدّم أي قيمة مضافة أو فائدة لا للدولة ولا للمنتج بتاتاً بالتالي هو عبء أو هيكل أنتج أضراراً كبيرة بالمنتج والمستهلك لأنه يعمل في خدمة فئة قليلة من التجار المستحكمين به.
بدليل أن النشاط التجاري المنضوي تحت مظلّة المجلس، يتجه نحو جمع المحصول بأسعار بخسة، وتصديره بأسعار السوق العالمية، والمشكلة الأكبر أن معظم صادرات الزيت السوري عبارة عن دوكمة غير معبأة أو خاضعة لقيم تصنيعية مضافة بالتالي كأننا نصدّر زيتنا خاماً.
ويؤكد المطلعون على تفاصيل الأمور، أن الكثير من الدول التي تستورد زيت الزيتون السوري تعيد تصنيعه وتقوم بتصديره إلى الأسواق العالمية و أحياناً تكون الأسواق السورية أحد هذه الأسواق.
إذ يقوم التجار بجمع الزيت من المعاصر ومن بيوت الفلاحين بأسعار بخسة أثناء الموسم ويقومون بتصديره “دوغما”، فيكون المستفيد هو التاجر وليس المنتج .
ويؤدي التصدير الخامي للزيت إلى قلّة المعروض من المادة في الأسواق المحليّة فيرتفع سعرها ويدفع المستهلك الفاتورة.
ويقترح الخبراء إلغاء ما يسمى مجلس زيت الزيتون لأن ماهيته غير واضحة بتاتاً، وهو حالياً لا يخدم منتجي الزيت ولا المواطن المستهلك .
إضافة إلى التوسّع بتوطين خطوط تكرير وتعبئة زيت الزيتون في سورية عبر رجال أعمال وطنيين، لأننا حالياً نخسر قيماً مضافة هائلة ونحن نصدره خاماً.
ومن المهم إصدار قرار يمنع تصدير زيت الزيتون بالشكل الذي يجري به حالياً ” دوكمة” .
إنشاء “بنك الزيت” لجمع الإنتاج في خزانات من معدن نقي كي لا نضطر إلى التصدير الخام وهذا لمصلحة المنتج والاقتصاد عموماً، ويمكن أن يقوم اتحاد غرف التجارة بالمهمة إذا كان ذلك خارج إمكانات وزارة الزراعة أو وزارة الصناعة، وربما على اتحاد الفلاحين أن يتولّى ذلك.
فالحكومة والدولة السورية تتكلّف مبالغ كبيرة لرعاية شجرة الزيتون ويجب ألا تذهب المنفعة لمصلحة بعض التجار، ويمكن لمن يشاء أن يلاحظ بعد شهرين من الآن أن التجار اللبنانيين سينتشرون خلال فترة الموسم في القرى ومطارح الإنتاج لشراء المحصول.
بعد كل هذه الإجراءات، من المهم أن يتمّ إصدار تسعيرة محددة لزيت الزيتون حسب المواصفة والجودة، تسعيرة منصفة للمنتج وللمستهلك، بدلاً من استفراد التاجر بكامل العلاوات التي يحصدها أو يجنيها على حساب الجميع.
الثورة