مع اقتراب عام 2026، تتجه الأنظار نحو الليرة، وسط آمال بتحقيق استقرار بعد إلغاء العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا بموجب “قانون قيصر”.
وعقب سنوات من التقلبات الحادة والانخفاض المستمر، أصبح تحدي حماية قيمة العملة وتعزيز قوتها الشرائية اختباراً حقيقياً لقدرة السياسات الاقتصادية على تحويل الفرصة السياسية الأخيرة إلى استقرار ملموس ينعكس على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني.
وحصل مشروع قانون ميزانية الدفاع الأميركية، المتضمن إلغاء عقوبات “قيصر”، في مجلس الشيوخ على قبول 76 عضواً مقابل 20 رافضاً خلال التصويت الإجرائي الذي يسبق التصويت النهائي للمجلس.
ومع صدور هذه الأخبار، تواصل العملة منذ أيام تذبذبها قرب مستويات 11 و12 ألف ليرة للدولار.
الليرة في 2026
يقول الباحث والخبير الاقتصادي علي الخلف، لصحيفة “الثورة السورية”، إن التصويت “خطوة مهمة” بالنسبة إلى سوريا والسوريين، كونه يتضمن بنداً بإلغاء “قانون قيصر”، لكنه رأى أن تحسن الليرة عقب القرار “وهمي وليس حقيقياً”.
وأضاف الخلف: “ما إن أُعلن عن إلغاء القانون بدأت الشائعات حول سعر صرف الليرة والانخفاض الكبير، في لعبة يمارسها المضاربون والسماسرة وتجار الأزمات لخلق حالة نفسية تدفع المواطنين إلى بيع مدخراتهم من القطع الأجنبي”.
وأوضح أن تحسن سعر الصرف يعتمد على عوامل اقتصادية وسياسية رئيسة، أبرزها: تحسن ميزان المدفوعات (زيادة الصادرات وتقليل الواردات)، وانخفاض التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة لجذب الاستثمارات، والاستقرار السياسي، وزيادة الاحتياطيات النقدية، وتدخل البنك المركزي، وزيادة الثقة في الاقتصاد، إضافة إلى تدفق التحويلات والاستثمارات الخارجية.
واعتبر أن “كل هذه العوامل تعزز الطلب على العملة المحلية وتزيد قوتها الشرائية، غير أن هذه العوامل لن تتحقق فوراً، وبالتالي فإن موجبات الانخفاض ليست متحققة الآن”.
وحول التوقعات بشأن أداء الليرة في العام الجديد، يؤكد الخلف أن “ما سيحدث لسعر الصرف في الأيام القادمة مرتبط مباشرة بدورة عجلة الاقتصاد وحركة النشاط الاقتصادي والاستثماري، ومدى قدرة الاقتصاد الوطني في جذب الاستثمارات وخلق بيئة عمل آمنة ومريحة لجميع الشركات”.
شرط أساسي
يرى الخبير الاقتصادي فاخر قربي، أن ضبط السوق الداخلية والحد من التضخم يشكلان شرطاً أساسياً لحماية أي مكاسب في سعر الصرف، إلى جانب دور السياسة النقدية في إدارة السيولة وتعزيز الثقة بالليرة.
وفي موازاة ذلك، يقول قربي: “تحسين بيئة الأعمال، وتبسيط الإجراءات، وتوفير ضمانات حقيقية للمستثمرين، تمثل مفاتيح أساسية لجذب الرساميل المحلية والخارجية”.
وأضاف لصحيفة “الثورة السورية”، أن من المهم أيضاً توجيه التحسن السياسي نحو شراكات اقتصادية حقيقية، تفتح أسواقاً جديدة أمام المنتجات السورية، وتعيد دمج الاقتصاد الوطني تدريجياً في محيطه الإقليمي والدولي.
وشدد قربي على أن إلغاء “قانون قيصر” قد فتح نافذة أمل، لكنها لا تزال مشروطة بقدرة السياسات الاقتصادية على استثمارها بواقعية وحذر.
فالتحسن الحقيقي لا يُقاس بردود الفعل السريعة في سوق الصرف، بل بمدى القدرة على تحويل المتغيرات السياسية إلى نمو اقتصادي فعلي، ينعكس استقراراً نقدياً ومعيشياً في عام 2026 وما بعده.
