أطلقت الحكومة رصاصة الرحمة على فئة ال ٥٠ ليرة سورية عندما أصدرت قرارين متتاليين في أقل من شهرين.. الأول رفع أسعار ركوب النقل الداخلي بزيادة بلغت ١٠٠% على كافة الخطوط العاملة في المدينة، حيث كانت تسعيرة أغلب الخطوط 50 ليرة سورية، والثاني: يوم الخميس الماضي والقاضي برفع سعر ربطة الخبز من ٥٠ ليرة سورية إلى ١٠٠ ليرة سورية، وبذلك قضت على وجود ال٥٠ ليرة نهائياً، وشيعتها إلى مثواها الأخير مع فئات ال(٢٥،١٠،٥) ليرة سورية…
قبل ٢٠١١
لا نريد أن نتعمق في الزمن البعيد لنتحدث عن قيمة ال٥٠ ليرة سورية، بل يكفينا أن نعود فقط عقدين مِنَ الزمن إلى الوراء – وهذا العمر قصير جداً في تاريخ الدول – لنعلم أن ال ٥٠ ليرة كانت تشتري صندوق بندورة وزن ٢٠ كغ، أو سندويشتان من الشاورما ومِنَ النوع الفاخر، أو نصف فروج بروستد أو مشوي، أو صحن بيض كامل، أو كيلو من الحلاوة..
أما عن قيمتها مقارنة بالعملة الصعبة فهي كانت تساوي دولاراً واحداً.. ولك عزيزي القارئ أن تتحيل كم فقدت هذه الفئة من قيمتها الشرائية على مدى العقد الأخير الذي عصف بالبلاد..
ال ٥٠ ليرة المعدنية:
طبعت فئة الخمسين ليرة لأول مرة عام 1953، وقد مرت بأشكال مختلفة حتى وصلت إلى آخر صورة عليها عام 2009، ونتيجةً لحاجة السوق إلى هذه الفئة من النقد، ولشدة تداولها مقارنةً بباقي قطع النقد، تعرضت هذه الفئة إلى التلف، وبات من النادر الحصول على قطعة نقدية من فئة ال50 ليرة ورقية لم يمر عليها اللاصق الشفاف- هذا إن لم تكن خضعت لعملية تجليد كامل-أو فقدت بعضاً من أجزائها.. لذلك ارتأى المصرف المركزي إصدار فئات جديدة منها معدنية..
حيث طرح التداول بال٥٠ ليرة المعدنية في شهر ١٢ من عام ٢٠١٨..
لكن طُرِحت بكميات قليلة، حتى أن بعض المواطنين لم يلمس هذه القطعة حتى بعد شهور من طرحها بالأسواق، وقال المركزي حينها إنه تم إصدار هذهِ الفئة حرصاً على تأمين احتياجات التداول من الأوراق النقدية والنقود المعدنية، وحاجة السوق المتزايدة من الفئات الصغيرة ولاسيما ال ٥٠ ليرة.
لكن على ما نعتقد توقف صك هذه الفئة سريعاً، إذ أن تكاليف صكها أكبر بكثير من قيمتها الشرائية، وهذا ما يبرر قلة كميتها في عملية التداول وربما لو عرف المركزي أن القيمة الشرائية لها ستتلاشى بعد عامين فقط من طرحها لما أقدم على صكها واستنزف من خزينة الدولة لتأمين هذه الفئة من أجل عملية التداول..
تساؤلات مشروعة
لو سألنا الحكومة عن سبب اختفاء ال50 ليرة ستجيب: حرب عشر سنوات- حصار اقتصادي – قانون قيصر… ولكن، كيف سنقنع المواطن معدوم الدخل بهذه الأسباب وهو يرى قطع تبديل السيارات تصل إلى الأسواق.. وكيف سيقتنع وهو يرى شركة جوالات تستورد أحدث جهاز موبايل قبل أي شركة في الشرق الأوسط كله، وأن الدفعة الأولى نفدت وهي بصدد استيراد الدفعة الثانية.. أي حصار هذا وأي انهيار للعملة خلفه الحصار والعقوبات، أم أن الأمر لا يعدو كونه سوء إدارة أزمة؟!.. وهذا ما زاد من معدلات التضخم أولاً، وانهيار القيمة الشرائية للعملة ثانياً؟!..
المصدر :المشهد – محمد الحلبي