أعترف- ومن باب الأمانة العلمية- أنني استوحيت عنوان زاويتي الأسبوعية من عنوان رواية«الحب في زمن الكوليرا» للروائي الكولومبي المبدع والحائز على جائزة نوبل «غابرييل غارسيا ماركيز», وخاصة عندما كتب رائعته«الحب في زمن الكوليرا», وقد عبّر عنها بعبارة مكثفة, وهي«يوجد الحبّ في كل زمان ومكان, ولكنّه يشتد كثافة كلما اقترب من الموت!»، فهل أدركت دول العالم وخاصة الكبرى منه أنّ اقتصادها الآن في غرفة الإنعاش بسبب«كورونا» ؟!، وأن المؤشرات الاقتصادية العالمية تتراجع والخسائر تزداد ولم تجدِ كل حزم التحفيز المالية في قهر هذا الوباء, ووضع حد لتداعياته السيئة التي تزداد يوماً بعد يوم بل ساعة بعد ساعة، والسؤال: هل ستعود الأنشطة الاقتصادية العالمية مجدداً للعمل ويتم تشغيل المصانع والمؤسسات التجارية وشركات النقل والسياحة والطيران, وانسياب السلع والخدمات وزيادة الإنتاجية والصادرات والمستوردات وحركة الانتقال والتنقل للأشخاص وللاستثمارات وغيرها، أي تفعيل دورة النشاط الاقتصادي العالمي وزيادة الكفاءة الاقتصادية وتعزيز التنافسية ؟!، وهل ستصدر قريباً المؤشرات الاقتصادية العالمية لسنة /2020 /, والتي يختلف على توقعاتها خبراء الاقتصاد، وبشكل عام يوجد سيناريوهان اثنان يتراوحان بين التفاؤل والتشاؤم، حيث يعتقد المتفائلون أن الاقتصاد العالمي تسيطر عليه حالة الانكماش, وبنسب تتراوح بين 7% و10%, وستتعرض أغلبية الموازنات العالمية إلى عجز كبير قد يتجاوز نسبة 12% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، وستزداد نسبة الدين العام لأكثر من 5% عمّا كان عليه الوضع سنة /2019 /، وستزداد حالات الإفلاس وقيمة الديون المعدومة أو المشكوك في تحصيلها لسنة 2020 بالمقارنة مع سنة 2019، وخاصة أن صندوق النقد الدولي حسنّ توقعاته مؤخراً, أي في الربع الرابع من سنة 2020 وتراجع عما صرّح به في الربع الأول بأن نسبة الانكماش بحدود /5%/, بل أكد أنها ستكون بنسبة /4%/، وأضاف أنه في سنة /2021 / سيتعافى الاقتصاد العالمي, وسيبلغ معدل النمو الاقتصادي أكثر من /5%/ وسيزداد دور الاقتصاديات الناشئة في ذلك، وستعود السيولة المالية والنقدية تدريجياً إلى ما كانت عليه قبل وباء «كورونا»، أما المتشائمون وهم الأكثرية من الخبراء الاقتصاديين ونحن منهم فنرى أن الخسائر ستكون أكبر وأكثر مما ذكرناه سابقاً، بل إن الاقتصاد العالمي تجاوز الركود, ودخل في مرحلة الكساد، وهذا يشبه إلى حد ما الأزمة الاقتصادية العالمية الكبرى سنة /1929/ والتي استمرت أكثر من عشر /10/ سنوات وكانت إحدى تداعيات الأزمة هي الحرب العالمية الثانية، ويساعد في هذا زيادة المديونية العامة للدول المتطورة, فمثلاً في أمريكا تجاوز الدين العام نسبة /108%/ وفي اليابان نسبة /237%/ من قيمة الناتج الإجمالي لكل منهما، وتتراوح نسب المديونية من دولة أوروبية لأخرى لكنها كلها مرتفعة حتى إنّ اليونان عرضت بيع بعض جزرها للبيع, وأبدت ألمانيا رغبتها بذلك ؟!، ومن هنا نفهم تصريح رئيس البنك الدولي السيد« ديفيد ما لباس» في ندوة عبر الأنترنت, نظمتها صحيفة «وول ستريت جورنال», وبأن الصين ستكون أول المتعافين بدءاً من سنة 2021 وهذا سيساعد الدول المجاورة لها في انطلاقتها الاقتصادية، فهل نعود في بلدنا في سورية الغالية لزيادة التعانق مع اقتصادنا ومنتجاتنا وخدماتنا وصناعتنا وزراعتنا وسلعنا الوطنية وزيادة كفاءتنا الاقتصادية وتلبية احتياجاتنا من مواردنا من غذاء ودواء ومنظفات ومعقمات وغيرها؟!، ونتجه نحو الاستخدام الأمثل لكلّ الموارد الطبيعية والبشرية والمالية والبيئية وتعظيم الفائدة و المردودية منها ومن خلال استراتيجيات اقتصادية واضحة ومحددة وببرامج زمنية ومكانية ، حتى نزيد من مستويات قدرتنا على مواجهة التحديات الاقتصادية في زمن «الكورونا» أو «الكوليرا»، وهذا سيساعدنا في التغلب على مشاكلنا الاقتصادية وزيادة تأقلمنا الإيجابي مع الاقتصاد العالمي؟!.
تشرين