حالة من التخبّط شهدها الوضع الاقتصادي خلال الفترة الأخيرة، وساهم في تضخمها عقوبات فُرضت من الخارج وتصاعد لسعر صرف الدولار، ما آل إلى تدهور معيشي وتضخم جامح عاشته الأسواق السورية مع إغلاق الكثير من المحال التجارية نتيجة ركود حركة البيع والشراء، وعزوف المواطنين عن شراء الكثير من المواد، وخاصة خلال فترة الأعياد الحالية التي ينتظرها التّجار بفارغ الصبر لإنعاش حركة الأسواق، لتشكّل المنحة التي أصدرها السيد الرئيس الأسبوع الفائت مصدر تفاؤل للموظفين والمتقاعدين من مدنيين وعسكريين، والذين يشكلون الفئة الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية من جهة وللتجار المترقبين إنعاش محالهم التجارية من جهة أخرى.
دفعة إيجابية
المنحة التي أصدرها السيد الرئيس بمرسوم تشريعي قضى بصرف مبلغ 50 ألف ليرة سورية لمرة واحدة للعاملين المدنيين والعسكريين و40 ألف ليرة سورية لأصحاب المعاشات التقاعدية من مدنيين وعسكريين، رافقتها موجة تخوّف كبيرة من تسابق التّجار كالعادة لزيادة أسعار سلعهم ومنتجاتهم، وصولاً لإحداث بلبلة في الأسواق، كذلك أجمعت الآراء على أهمية صدور هذه المنحة في الوقت الحالي كدفعة إيجابية كبيرة للاقتصاد السوري، ناهيك عن أنها تغطي جزءاً من الحاجيات الأساسية فيما إذا تمّ ضبط الأسعار حالياً، فيما وجد البعض ضرورة صرف هذه المنحة بشكل شهري بدلاً من زيادة الرواتب كونها معفاة من الضرائب، مع ضرورة طرح قروض ميسّرة دون فوائد أو خضوعها لتسهيلات التسديد ما يشجع على الاستهلاك والاستثمار، وبالتالي تحريك الاقتصاد وزيادة العائدات من هذه الضرائب على الإنتاج، ليؤكد البعض على أهمية التفكير بهيكلة الإنفاق وتوزيع الدعم وإدارة الموارد بشكل يقصّر أمد الأزمة الاقتصادية التي نعيشها اليوم.
تنشيط العجلة
محمد كوسا (خبير اقتصادي) وجد أن هذه المنحة جاءت نتيجة ضغوط ارتفاع الأسعار المستمرة وتناقص القدرة الشرائية للدخول ولحسابات مالية ونقدية غيّبت حالياً مسألة اللجوء لزيادة الرواتب والأجور. وقدّر كوسا عدد المستفيدين من هذه المنحة بنحو 3.5 ملايين مستفيد لتصل إلى ما يقارب الـ18 مليار ليرة سورية، معتبراً أن هذه المنحة إنفاق عام محفز للطلب، وبالتالي هي دعم للجميع، مستهلكين ومنتجين وتجاراً، وستتوجّه الكتلة النقدية غالباً باتجاه تلبية الاحتياجات الخاصة بالغذاء والطاقة، وتأمين اللباس الشتوي “المصاريف الملحّة حسب كل أسرة”، وهذا يعني أن قطاعات عدّة ستنشط، أولها الزراعة والقطاعات المنتجة بشكل عام، نتيجة زيادة الطلب على السلع والخدمات، لنصل بالنتيجة إلى زيادة في حركة السوق بعد الحصول على “المنحة”. ويؤكد كوسا على ضرورة أن يقابل هذه المنحة العمل على تخفيض الأسعار لتكون الآثار أكثر إيجابية لكل الأطراف، منتجين وتجاراً ومستهلكين، واكتفاء التّجار بهامش ربح بسيط كي يتشجع المواطنون على توسيع مروحة مشترياتهم، وبالتالي توسيع الطلب المؤدي للاستثمار وزيادة الإنتاج السلعي والخدمي، وأشار كوسا إلى أهمية هذه المنح، فالمنح المتواترة ضرورية واحتياج حقيقي للاقتصاد كونها جرعات مهمّة تساعد في تعويض فاقد القدرة الشرائية للدخل وتنشيط عجلة الاقتصاد في ظل أوضاع اقتصادية متعثرة في وجه الجميع لأسباب متعدّدة منها الحصار وكورونا وضعف إدارة الموارد.
البعث