بات غلاء الأسعار يحد من كل شيء حتى من إتلاف الأشياء من ألعاب أطفال وملبوسات أو أي قطعة قد يستفاد منها في عملية التدوير، وهذه العملية تشكل متعة للعديد من السيدات اللواتي وجدن فيها باب لممارسة هواية، وأخريات باب رزق، وسيدات اتخذن من التدوير تحدي للأسعار الفاحشة.
توجه فني بحت
السيدة محاسن السلمان توضح أن عملية تدوير المنتجات القديمة والآيلة للرمي هو توجه فني بحت بحكم ميولها للرسم والديكور ورغم محاولتها دراسة الفنون الجميلة أو هندسة الديكور لكنها لم تصب الهدف، فاحتفظت بهواية الفن والابتكار من خلال خياطة الملابس للعائلة ثم للقريبات، وانتقل ذلك لتبديل وخياطة الستائر وتبديل ألوان فرش المنزل الذي أصبح من البديهيات، لكون التغيير والتجديد الدائم شغف.
وتحدثت السلمان بشغف عن التدوير الذي اتخذته من باب الاستفادة من الموجودات وللتوفير أيضاً، فبدأت أول أعمالها منذ 12 عاماً أو أكتر بتنجيد غرفة جلوس قديمة، حينها طلب النجار 30 ألفاً ولكنها اشترت القماش وقامت بالتنجيد بكلفة وصلت إلى 10 آلاف ليرة، تضمنت القماش وكامل العدة اللازمة.
وتستمر السيدة السلمان لغاية اليوم باستخدام كل ما يمكن أن يتوفر لديها أو ما تحصل عليه من مواد كالخشب، كرتون، قماش، حديد، أشرطة ، خرز وإكسسوارات، ألوان طبعاً بشراء المتمم للعمل من علب دهان وبخ وتلوين…ولم تنسى أن تخبرنا بامتلاكها لعدة عمل كاملة من النوع الثقيل كالمثقاب “الكومبريسة” والمطارق ومنشار خشب ومنشار حديد .. مفكات براغي بعدد لا متناه من الأحجام، ومبارد خشب وحديد الخ…. بالإضافة للعدة البسيطة كفرد السليكون وخرازة الخشب وغير ذلك.
بسبب الغلاء
وتشاركها لميعة شناعة الشغف في تدوير المنتجات، فبسبب الغلاء الفاحش في الأسواق وخصوصاً زينة الأعياد، حيث توجهت شناعة إلى تدوير العديد من المنتجات من فلين وبعض كرات الزينة وقطع مخمل محولة إياها إلى صناديق زينة وعلب هدايا، ففي الأسواق سعرها لا يقل عن 60 ألف ليرة، في حين صنعتها بما لا يزيد عن 5 آلاف ليرة، وبالتصميم الذي تحب دون تحكم الأسواق، مضيفةً أنه يمكن لمثل هذه الأفكار أن تشكل مصدر رزق من خلال ورشات صغيرة تضم بعض السيدات، ولليوم هي تتخذ إعادة التدوير كهواية.
الهيئة تتابع
وبالتوجه إلى هيئة المشاريع الصغيرة بينت روعة ميداني مديرة هيئة المشروعات أن الهيئة تتابع العديد من هذه المشروعات لسيدات اعتمدن على إعادة تدوير المنتجات من ملابس أو تصنيع مواد جديدة، والعمل على عرضها وبيعها من خلال بازارات، في العديد من المناسبات.
وعن تفاوت الأسعار بين ما يتم تصنيعه في المنزل وبين الأسواق أوضح مدير تموين دمشق عدي الشبلي أنه يتم تكثيف دوريات حماية المستهلك في مواسم الأعياد، فمنذ أسبوعين أصبحت هذه الدوريات أكثر كثافة ففي يوم واحد تم تنظيم 43 ضبط، مؤكداً أن هناك ما بين 25 إلى 30 ضبطاً تموينياً نوعي للعديد من المحال المخالفة.
قصير وبعيد
ومن جهته الخبير الاقتصادي الدكتور ماهر سنجر بين أنه من الجيد وجود من يفكر بعملية إعادة التدوير ومن لديه القناعة بأهمية هذا الموضوع، لكن اقتصار موضوع التدوير على المبادرات الفردية غير المتكررة أحياناً أو المبادرات المجتمعية لن ينتج حالة عامة ولن يشكل ثقافة عامة تستمر للأجيال القادمة، فالمطلوب من الناحية الاقتصادية النظر إلى الموضوع على كل من المدى القصير والمدى الطويل.
وترتبط عملية إعادة التدوير ترتبط بمحور أساسي من محاور التنمية المستدامة ألا وهو حماية البيئة، مما سينعكس على صحة وسلامة المجتمع، من الجيد أن ترتبط هذه الجزئية بموضوع التنمية المستدامة لكونها ستصبح هدفاً واجب التحقيق والعمل عليه، وهو ما أشار له بشكل أو بآخر العرض الوطني الطوعي الأول عن أهداف التنمية المستدامة في حزيران من العام 2020، كما من الضروري اليوم البدء بالنظر لعملية التدوير وجعلها هدفاً من لحظة الترخيص لأي شركة أو أي نشاط، كما العديد من الدول.
وأضاف د.سنجر أنه من الجيد اليوم أن نرى مبادرات إعادة التدوير محلياً، فنلحظ كم الأفراد العاملين بشكل غير مباشر بهذه المهنة من خلال جمع المواد القابلة للتدوير من حاويات القمامة، والجميع قرأ خبر رفع قيمة تعهد عقد التنقيب في القمامة من قبل محافظة دمشق.
فالمطلوب على المستوى المحلي تبني مفهوم الاقتصاد الدائري والإسراع بتأسيس إطار قانوني بسيط وعملي لعملية التدوير وللحفاظ على صحة الأفراد العاملين في هذا المجال وعدم الاعتماد على المبادرات الفردية أو مبادرات بعض الشركات بل تشجعيها بطريقة أو بأخر لجعلها منهجية للأفراد والشركات وذلك لنضمن غداً أفضل ومستقبلاً أكثر أماناً للجميع.
البعث