تراهن الحكومة على تفعيل أدواتها التقليدية لإعادة تصويب الخلل المزمن في سوق العقارات المحلية ولا سيما المتعلق بالسكن والإسكان، ويرى خبراء القطاع أن صدور قانون الضريبة على البيوع العقارية يشكل نقطة تحوّل في ضبط السوق، بدليل توقّف ظاهرة المضاربة في السوق والتي وصلت علاواتها إلى أرقام ومعدلات يمكن وصفها بـ ” الجنونية”.
وعلى التوازي تعكف وزارة الأشغال العامة والإسكان على إرساء منظومة متكاملة لضبط القطاع ووضعه في دائرة الرقابة المباشرة واللصيقة للحدّ من حالة العشوائية المفرطة التي تلفّ مجمل النشاط العقاري على مستوى البناء والتشييد وعلى مستوى التداول والبعد التجاري.
وفي السياق شرعت هيئة الإشراف على التمويل العقاري بإجراءات مكثّفة لاستعادة دورها الذي طالما كان مغيباً..و أصدرت الهيئة مؤخراً قائمة بأسماء خبراء التقييم العقاري المرخصين لعام 2021 وذلك استناداً إلى أحكام القانون لعام 2012 والذي ينصّ على ضرورة الاستعانة بخبراء التقييم العقاري في كل عملية تمويل بضمانة عقارية تتمّ وفق أحكام القوانين النافذة من جداول الخبراء المرخصين التي تصدرها الهيئة كل عام.
وتؤكّد مصادر الهيئة أن عملية التقييم العقاري من أهم النقاط في أي ممارسة عقارية تتمّ لأغراض متنوعة، وتهدف إلى تحقيق القيمة العادلة للعقارات والمنشآت الاقتصادية والممتلكات على اختلاف أنواعها، مشيرة إلى أن وظيفة وعمل خبير التقييم العقاري هي تقدير قيمة العقار موضوع التقييم بدقة وموضوعية، وهذا يؤدي لاستقرار السوق العقارية وإعطاء قيم دقيقة للعقارات ويقضي على العشوائية في التقييم ويعزّز الثقة في عملية التقييم العقاري.
وتصرّ الهيئة على أهمية التقييم العقاري في المرحلة الراهنة، لكونه يُبنى على تقييم قيمة العقارات مقارنة بالأسعار في السوق، وذلك بحسب عمليات البيع والشراء التي تمّت مع وجوب مراعاة ما تفرضه طريقة المقارنة من حدود على القيمة السوقية للعقارات من خلال بيان الأسعار التي تدفع عادة إلى العقارات المماثلة..ولاسيما في ظل عدم استقرار السوق العقاري في هذه المرحلة وارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير، تأتي أهمية موضوع التقييم العقاري لكون مخرجات عملية التقييم هي مدخلات لعملية أخرى.
وتستعد الهيئة حالياً لاعتماد دليل إرشادي لمزاولة مهنة التقييم العقاري على النحو الصادر عن هيئة الإشراف على التمويل العقاري، متضمناً معايير التقييم العقاري ومعايير التقييم لغايات التأمين، وذلك للوصول إلى القيمة الحقيقية لأي عملية تقييم عقاري، وبالتالي الارتقاء بالمهنة إلى أعلى المستويات العلمية والمهنية.
تشير مصادر الهيئة إلى مجموعة شروط يجب توافرها بمن يرغب مزاولة مهنة التقييم العقاري، أهمها أن يكون الخبير ملماً بأساسيات العلوم اللازمة لحساب المساحات ونماذج المنشآت ونوعيتها وحساب التكاليف، وحائزاً على شهادة في الهندسة المدنية أو هندسة العمارة أو الاقتصاد أو الحقوق، ويخضع لامتحان يتضمن العديد من المقررات تجريه الهيئة بشكل سنوي، وكذلك يتصف بالحياد تجاه مالكي العقارات موضوع التقييم المكلف به وتجاه أطرافها، وألا يكون له مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة أو قرابة من الدرجة الرابعة بينه وبين أي طرف من الأطراف التي يتمّ التقييم لمصلحتها.
مع ضرورة إلمام الخبير بقدر كبير من العلوم الهندسية، إضافة إلى بعض العلوم المحاسبية وعلوم الإدارة المالية والقوانين العقارية وغيرها، ومن هنا تتضح صعوبة وجود درجة علمية واحدة في مستوى الشهادة الجامعية التي حصل عليها الخبير وتمنحه القدر الكافي للممارسة العملية، وقد أكّد القانون رقم 8 لعام 2012 على ضرورة إخضاع الخبراء الراغبين بتجديد الرخصة سنوياً لدورات تدريبية لا تقلّ عن 15 ساعة تدريبية على الأقل خلال آخر ثلاث سنوات وذلك ليكون الخبير على اطلاع بكل جديد في التقييم العقاري.
يُشار إلى أن التقييم العقاري مهنة كما غيرها من المهن لها ضوابط ومحظورات وأهمها عدم ممارسة مهنة خبير التقييم العقاري، إلا لمن حصل على شهادة ورخصة من الهيئة أصولاً، وتحدّد مدة الرخصة سنة كاملة وتجدد بشكل سنوي، ولا يجوز لأي جهة تكليف أي شخص للقيام بأعمال التقييم والتخمين العقاري من غير الخبراء المرخصين لدى الهيئة.
الثورة