في كل مرة تحتاج فيها للذهاب إلى الطبيب أو مخبر الأشعة تحتاج إلى جرعة مهدئ وأعصاب متينة تدعم بها بطاقتك التأمينية، والتي أصبحت “شبه معطلة” لتواجه بها امتعاض مقدمي الخدمة وتأففهم من حامليها، سيما وأن الفارق السعري في قيم التغطية المقدمة مقارنة مع أسعار العلاجات الطبية الراهنة أصبح شاسعاً، وبالتالي يترتب على المؤمَن في بادئ الأمر رالمضي في حلة بحث مضنية لإيجاد المتعاقدين مع التأمين والذين تناقص عددهم مع ازدياد إشكاليات التأمين من فوارق سعرية وتأخير وغيرها، ليحظى لاحقاً بمن يقدم خدمة مع “منّية” لا تعفي المؤمَن من إبرام صفقة، كتغيير اسم الدواء أو التحليل المطلوب، وفي معظم الحالات تكون “المساومة” سيدة الموقف لتحميلهم مبلغا غالباً ما يكون مرهقا لدخلهم المحدود.
وجع قلب
معظم مقدمي الخدمة يؤكدون تورطهم في هذا التعاقد كونه يحمل الكثير من الإشكاليات والتأخير في حصولهم على مستحقاتهم المالية لمدة شهرين فأكثر، ما يعني أن العقد لم يعد ذا جدوى، بالمقابل الكثير من المؤمن لهم استغنوا عن خدمات بطاقتهم الصحية ولسان حالهم يؤكد: “مندفع وبلا وجع قلب” أو تأجيل المعالجات غير المستعجلة.
الثلث فقط
الكثير من الشكاوى تخص اعتراض الطبيب على تقديم المعالجة بموجب البطاقة، ومنها اعتراض المخابر على إجراء التحاليل تحت ذريعة أن التأمين غير موافق على بعضها، فأحد المواطنين قدم لمخبر أشعة لإجراء بعض التحاليل اللازمة والضرورية على حساب رصيده التأميني، إلا أنه فوجئ برد المخبر أن التأمين لا يتحمل من الفاتورة سوى ستة آلاف ليرة من أصل 22 ألف ليرة كقيمة إجمالية، ولدى مخاطبة المخبر بين أن بعض شركات الرعاية الطبية يرفض عدة أنواع من التحليل دون مبرر رغم أنها تدخل في التغطية، مع الإشارة هنا إلى أن التحاليل الخاصة بالهرمونات غير مشملة بالتأمين على الرغم من أهميتها في الكشف عن الأمراض وعلاجها، وصاحب الشكوى أكد بأن تحاليله ليست هرمونات، ليعود مدير المخبر ويؤكد أن الأمر يتكرر مع معظم المؤمن لهم، ما يضطر المريض لتسديد باقي الفاتورة من حسابه، رغم أن البطاقة تحمل المؤمن ما قيمته 10% فقط من المبلغ الإجمالي.
اعتراف صريح
مدير عام هيئة الإشراف على التأمين، الدكتور رافد محمد، بين أن الإشكالية تكمن في تضخم الأسعار وما نتج عنه من فرق واسع، إذ ما زال التأمين الصحي على الأسعار القديمة المعتمدة، فالتأمين يغطي قيمة الوحدة المخبرية بـ 300 ليرة فقط، بينما كلفتها الحقيقية في المخابر 900 ليرة، ما يعني تغطية ثلث القيمة فقط، وبالتالي تحمل المؤمن 70% على حسابه، والأمر ينسحب على باقي الخدمات، فالمعاينة لدى الطبيب بحسب التأمين يقدمها بكلفة ثلاثة آلاف ليرة، بينما تضاعفت عدة مرات على أرض الواقع، باستثناء الأدوية، فالصيادلة ملتزمون بتسعيرة وزارة الصحة، ورغم إدراك الجهات المعنية لحجم الإشكالية على كل من أطراف العقد التأميني، إلا أنه لا حلول سريعة سوى المزيد من الانتظار لصدور بوليصة التأمين المنتظرة منذ بداية العام.
مدير الهيئة أكد أن تعديل بوليصة التأمين ستتضمن معالجات جوهرية وحلول جذرية، ولكن على ما يبدو – لحين صدورها – على المؤمن لهم أن يجتهدوا في إيجاد طرق للاستفادة من تأمينهم كاقتراح أحد المعنيين بضرورة إصرارهم على عدم الدفع خارج نطاق البطاقة، ما يؤدي بالضرورة إلى فتح الباب أمام إشكاليات قد لا تنتهي بشكل مثالي أو متوقع، أو الاستغناء عن خدماتها كما يفعل الكثيرون لحين تعديلها علها تأتي بلبوس أفضل وترتقي إلى مستوى حضاري وعصري.
غير مرة أكد محمد أن الإشكالية والحل ينبع من التأمين، ولذلك قدمت الهيئة كافة المقترحات الكفيلة بمعالجة الحالات التي تواجه المؤمن ضمن مسودة تعديل البوليصة، والتي من شأنها تغير واقع التأمين الصحي الإداري إلى صيغة أفضل، منوهاً إلى أن من حق المؤمن لهم تقديم شكوى للهيئة ليصار إلى معالجتها بقدر الإمكان.
البعث