تعالت مؤخراً حدة شكاوى الصناعيين من بعض الإجراءات التي يرونها تعرقل نوعاً ما مسيرة الإنتاج الصناعي، ويأملون لو أنها تؤخذ على محمل الجد بالمناقشة والدراسة ومن ثم إصدار ما يلزم من قرارات من شأنها خلق جو من المرونة والتشجيع على الصناعة، فلا يخلو أي اجتماع مع وزير، إلا ويسارعون إلى طرح مشاكلهم وبعض العقبات، وتأتي الردود الرسمية عبر إطلاق وعود لن تتحقق أبداً، هكذا وصف بعضهم الواقع.. في حين يرى آخرون أن الصناعة عصب الاقتصاد وباتت الفرص فيها واضحة بوجوب التوسع في القطاعات الصناعية المستهدفة، وخاصة أن المرحلة الحالية تشهد تطبيق تعليمات تنفيذية لقانون الاستثمار الجديد، وما يحتاجه المستثمر اليوم هو البحث في الفرص التي توفرها الدولة للاستثمار بالصناعة مع التحولات الواسعة التي دخلت على هذا القطاع الحيوي، إضافة لما أفرزته جائحة كورونا من فرص لزيادة الإنتاج المحلي بدلاً من الاعتماد على الواردات التي بمجملها تمثل فرص استثمار محلية، مع أهمية التوجه إلى الاعتماد على التقنية الحديثة كالذكاء الاصطناعي، وتوفر الأيدي العاملة التي يحتاجها القطاع الصناعي بتأهيل مناسب لمعطيات العصر الحديث فالعقد الحالي في الاقتصاد الوطني سيكون فرص نمو القطاع الصناعي وهي الأبرز بين مختلف قطاعات الاقتصاد بعدد كبير من المصانع وكذلك بدخول صناعات جديدة.
وسورية كما يعلم الجميع لديها مقومات للنهوض بالصناعة كمرفق اقتصادي مهم، وأجواء متنوعة عديدة تجعل جدوى التركيز على قطاع الصناعة ذا قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد ويجب أن يظهر الاهتمام بالصناعة كخيار، بل بمنزلة الهوية الاقتصادية في التنافسية ودخول الإنتاج مرحلة متطورة ليصل وبقوة إلى العالمية.. وهنا تكمن صيرورة أن تتجه الحكومة لتذليل أي صعوبات أمام إنتاجية الصناعة الوطنية، وتسهل بعض الإجراءات والمزيد من الإعفاءات لاستقطاب كل الكفاءات وأصحاب رؤوس الأموال والمنشآت لإقلاع آلات مصانعهم وبطاقاتها الكاملة.. فالمنتج الصناعي المحلي اليوم يحتاج للمزيد من الدعم وتعزيز «صنع في سورية» يجب أن يكون خياراً لا بديل عنه ويحتل الصدارة، فهو يهدف إلى صناعة هوية للمنتج الوطني ورفع مستوى الجودة وتوفير كل الممكنات التي تسهم في رفع التنافسية وزيادة نسبة التفضيل السعري للمنتج المحلي وكذلك رفع نسبة المحتوى المحلي إذ لا يكفي أن يكون المنتج النهائي يصنع محلياً، فالفائدة تتعاظم إذا كانت نسبة المحتوى المحلي مرتفعة لأن ذلك يطور الصناعة ويوفر سلاسل إمداد داخلية واسعة مع فرص استثمار وعمل كبيرة.
الوطن التقت عدد من الصناعيين الذين أبدوا رأيهم بواقع الصناعة وما الحلول المقترحة؟
الصناعي محمود المفتي أمين سر القطاع الكيميائي في غرفة صناعة دمشق وريفها أكد أن الشغل الشاغل لكل الصناعيين هو القانون رقم |8/ الذي لم ينصف الصناعيين فالتعليمات التنفيذية للقانون لم تفرق بعد بين المخالفات الجسيمة وغير الجسيمة، فالخطأ ببطاقة البيان مثلاً يحاكم مثله مثل الذي يقوم بالغش ببضاعته 50 بالمئة، علماً أن هناك توجيهات لتعديل التعليمات التنفيذية بالتشاركية مع اتحاد غرف الصناعة والتجارة وما نامله أن يكون هناك جدية في إعادة النظر بالمخالفات.
مشكلة البطاقة التعريفية لصناعة الدباغة!
ومن المشاكل التي يعاني منها الصناعيون أكد الصناعي بشار الحلاق /دباغة الجلود/ أن هناك مشاكل عامة نعاني منها جميعاً كصناعيين وبشكل خاص مهنة الدباغة التي كان عدد المنشآت 350 منشأة في منطقة الزبلطاني وبعد أن تم نقلنا إلى عدرا الصناعية انخفض عدد المنشآت إلى 110 منشأة واليوم عدد العاملين في هذا القطاع لا يتجاوز 9 منشآت فقط والسبب في ذلك القرارات الكارثية التي تتولى علينا من وزارتي الصناعة والاقتصاد والتي انعكست سلباً على المنشآت فصدور القرار يحتاج إلى 6 أشهر وتجديده أيضاً يحتاج إلى نفس الفترة الأمر الذي يضعنا في حالة إحباط وملل ولتاريخه لم يتم التوصل إلى حل مع وزارة الاقتصاد لأن أي قرار من وزارة الاقتصاد ينعكس علينا لأن صناعة الدباغة متداخلة مع العديد من الصناعات (الأصبغة والدهانات، الزيوت المعدنية والطبيعية وغيرها) لافتاً إلى أننا منذ سنوات ونحن نعاني وصدر العديد من القرارات من وزارة التجارة الداخلية بشأن صناعة الدباغة لكن لم ينفذ منها شيء على أرض الواقع منها البطاقة التعريفية التي تعتبر أمراً بديهياً وحقاً لكل مواطن أن يعرف نوع أي منتج هل هو جلد طبيعي أم مشمع أم متداخل، لافتاً إلى ضرورة أن يكون هناك مختصون من أهل الكار بنوع المنتج وتجنب المستهلك حالات الغش الموجودة بالأسواق حيث يقوم البعض بالبيع على أساس جلد طبيعي علماً أنه خلاف لذلك.
وأشار إلى ضرورة إيجاد حل للبضاعة المهربة التي تنعكس سلباً على الصناعة الوطنية والعمل على تشكيل لجان للإشراف على منافذ البيع للبضائع المهربة للحد منها.
تأمين المشتقات النفطية والكهرباء
الصناعي في قطاع الصناعات الغذائية حسام مكية أكد ضرورة أن يكون هناك حماية للصناعي أسوة بحماية المستهلك والعمل على تأمين المشتقات النفطية والكهرباء للصناعيين حتى تتم إعادة تشغيل المعامل، مشيراً إلى أن فقدان مادة السكر من الأسواق بغض نظر عن رفع سعره قد أضر بالمنشآت التي أصبحت غير قادرة على التشغيل.. لافتاً إلى معظم مصانعنا اليوم كصناعيين متوقفة بسبب قرارات منع الاستيراد والتي شملت منع استيراد التمر، علماً أن لا يوجد لدينا هذه المادة الأمر الذي تسبب في إغلاق المنشآت لأنه لدينا منتجات مصنعة «معمول التمر» مادتها الأساسية هي التمر الذي نصدره إلى السعودية ودول الخليج.
وأشار إلى أنه منذ فترة كنا نقول إن الصناعي مريض لكن اليوم الصناعي بحاجة إلى «منفسة» وما نأمله من اللجنة الاقتصادية أن تعيد النظر بقراراتها لأنه في حال بقي الوضع على ما هو عليه فالصناعة في وضع لا تحسد عليه.
البيانات الجمركية
ريما العمري من غرفة صناعة دمشق وريفها في مجال الطباعة قالت:
المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج نعاني من نقصها كصناعيين جميعاً خاصة في ظل وجود الاحتكار من قبل بعض التجار إضافة لذلك هناك العديد من المواد في مجال الطباعة لا تتلف ولا تفسد وليس لدينا فيها بيانات جمركية باعتبارها قديمة.
التمييز بين المخالفات
أيمن مولوي أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها أكد ضرورة تعديل القرارات ومن أهم مشكلات الصناعيين هو الفرق الكبير بين المواد الصناعية التي رسومها واحد بالمئة، لافتاً إلى أن القرار 1088 يشمل كل المخالفات الجسيمة ولا يجوز ألا تندرج عقوبة نقص بطاقة البيان مثلاً بالمخالفات الجسيمة مطالباً بضرورة التمييز بين المخالفات.
الصناعي ياسر حكماوي في قطاع الصناعات الكيميائية وجه رسالة مفادها باختصار أن حل مشكلات المواطن مرهون بحل مشكلاتنا لجهة تأمين كل مستلزمات المعيشة.
مشكلة التسعير وارتفاع المواد الأولية
الصناعي محمود خورشيد أكد أنه يومياً لدينا مشكلة بالتسعير وارتفاع أسعار المواد الأولية التي أصبحت بشكل يومي والأهم الضرائب المالية التي لا ترحم أحداً وقد ازدادت بشكل غير محتمل ونفاجأ بأنواع ضرائب جديدة في ظل ارتفاع الأسعار لذلك نحن في حيرة لتسعير المنتج الذي يسبب لنا العديد من المشاكل، موضحاً أن سعر «جرة الغاز للصناعي» 270 ألف ليرة والمازوت 350 ليرة لليتر إضافة إلى هجرة العمال التي أصبحت بشكل يومي لذلك نطالب الحكومة بأخذ هذه الأمور بعين الاعتبار لأن الواقع يختلف كلياً عن القانون.
الصناعي محمد الحموي تحدث عن مشكلة صناعة القهوة وعدم صدور نشرة جديدة تحدد الأسعار لأن هناك فرقاً كبيراً بين التسعيرة وما هي عليه بالواقع بعد ارتفاع أسعار القهوة عالمياً.
قرارات المنع بحاجة لإعادة نظر
رئيس القطاع الغذائي في غرفة صناعة دمشق وريفها طلال قلعجي أكد أن هناك هموماً كبيرة يعاني منها القطاع الغذائي باعتباره عصب السوق، لافتاً إلى أهمية حماية المنتج الوطني إلا أن قرارات المنع بحاجة إلى إعادة النظر بقرارات منع الاستيراد ولاسيما لمادتي الجوز والتمر الأمر الذي رفع سعرهما نتيجة الاحتكار وخاصة أن معامل الكونسروة والمخصصات الصناعية فنحن في موسم « المكدوس» وسورية تصدره إلى العالم والأهم أن المرسوم 8 وضع الصناعي تحت رحمة العامل لجهة أن العامل قد ينزعج من صاحب العمل ويلجأ إلى المخالفات ضمن العمل الأمر الذي يسيئ لصاحب المنشأة وقد توصله إلى السجن من خلال الشكاوى الكيدية.. قلعجي أشار إلى أن القطاع الغذائي اجتمع وتم الاتفاق على تخفيض الكلف بحيث تتناسب مع القوة الشرائية للمستهلك لذلك نطالب الجهات الوصائية بحل موضوع بيانات الكلفة والوصول إلى آلية واضحة للتسعير، لافتاً إلى أنه لا يخفى على أحد أن هناك فساداً لدى بعض مراقبي التموين الأمر الذي يتطلب السير بموضوع التشاركية باتخاذ القرارات للحد من ذلك.
وضع سعر مناسب لمادتي المازوت والفيول
رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس طالب بوضع سعر مناسب لمادتي المازوت والفيول لتأمينهما من القطاع الخاص بسعر مناسب للصناعيين وإيجاد حلول لعدة قضايا يتعلق أهمها بتعديل بعض البنود التي تخص العقوبات في القانون رقم 8 بخصوص الصناعيين والتركيز على العقوبات الجسيمة ولاسيما موضوع السكر وأن القانون يجب أن يكون موجهاً للمخالفات الجسيمة والمواد المدعومة كالسكر والرز.
حل لدوريات التموين
الصناعي عبد السلام الشواف طالب بإيجاد حل لدوريات التموين التي تدخل إلى المنشآت على شكل اقتحام وكأن الصناعي متهم أو مجرم والأهم ارتفاع تكاليف النقل وأجور الشحن كلها بحاجة إلى مراقبة.
الوطن