لم يفلح اللقاء الذي جمع التجار والمستوردين مع هيئة الضرائب والرسوم بإيجاد التفاهم بين الطرفين حول قرار الربط الالكتروني للفواتير المصدرة من تجار الجملة والمستوردين والمصدرين مع الهيئة، فرغم الاتفاق على القواعد الأساسية والمغزى من تطبيق القرار، إلا أن التخوفات بقيت حاضرة، وشكّلت حالة من الجدال والرفض من خلال المداخلات ضمن اللقاء الذي عقدته غرفة تجارة دمشق اليوم.
ورغم الحديث “الهادئ” لمدير الهيئة منذر ونوس عن آليات وأهداف القرار، إلا أنه وبمجرد انتهائه انهالت عليه الأسئلة والاعتراضات التي كانت متشابهة بمعظمها، وتضمنت بشكل أساسي تخوفات التجار من عدم احتساب التكاليف الحقيقية التي يدفعونها، إضافة إلى التعارض في الفواتير الحقيقية مع قوانين وزارة التجارة الداخلية.
ضريبتان أساسيتان مطلع 2023
ونوس وفي مستهل حديثه أكد أن الهدف من الآلية هو الانتقال لمنهجية عمل تحقق الثقة والعدالة الضريبية، والوصول لنظام ضريبي حديث يلبي احتياجات المرحلة المقبلة، فخطة الإصلاح الضريبي ومع بداية 2023 ستتضمن الاعتماد على ضريبتين أساسيتين، الأولى ضريبة على المبيعات، والثانية ضريبة مصادر الدخل والانتقال فيها من الضرائب النوعية للضريبة الموحدة، لتصبح ضريبة محورية تجمع كل مصادر الدخل في مطرح واحد، مما يتيح المجال لميزات تأخذ بعين الاعتبار الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمكلف، والوصول لهذه الضريبة يتطلب أرقام حقيقية والخروج من حالة الضبابية.
ولم يخفِ ونوس غياب الثقة بين الإدارة الضريبية والمكلف، فجاء الحل بإدخال طرف ثالث والعمل الالكتروني الذي يستوعب كم هائل من العمليات ويقصي الجانب البشري والاحتمالات، وتم الوصول لبرمجية تخدم المكلف والإدارة الضريبية، عبر ربط ايرادات المكلف مع قواعد بيانات الإدارة، ووضع طرف ثالث محايد هو المستهلك الذي يحصل على فاتورة تتضمن المعلومات المرسلة من المكلف، والمتطلبات الأساسية المفروضة بقانون حماية المستهلك.
وفيما يتعلق بالنفقات، بيّن ونوس أن الهيئة تسير بخطى هامة ليؤمن للمكلف فواتير معتمدة ومسجلة، مطمئناً التجار أن قانون الضريبة لحظ كل النفقات والنشاطات المرافقة للعملية التجارية والمؤثرة على الدخل، فلا مشكلة بقبول النفقات وطرق توثيقها منوعة.
على عين التجارة.!
إلا أن كل محاولات ونوس للطمأنة باحتساب كل النفقات لم تكن كافية على ما يبدو، حيث بيّن رئيس لجنة المالية والضرائب في الغرفة محمد الحلاق أن المطلوب إيجاد حل للفواتير، فالمستورد أو التاجر لديه عدة أنواع من الفواتير وهو أمر معروف للجميع، وزدات مشكلة الفواتير إثر التضخم الكبير الحاصل، حيث يخفض المستورد السعر في الفاتورة المقدمة للجمارك حتى تقل الرسوم، وهذا يتم بعلم وزارة التجارة بشكل أو بآخر حتى لا ترتفع الأسعار بشكل كبير، وبالتالي كيف سنقدم للمالية الفاتورة الصحيحة.! معتبراً أن تكلفة التهرب الضريبي كبيرة على الجميع لكن المطلوب خط عمل صحيح وليس من النهاية للبداية.!
وبيّن الحلاق أن قطاع الأعمال بين فكي كماشة، فوزارة التجارة تحدد هوامش ربح لا يستطيع التاجر تجاوزها، والمالية بدورها تريد رفع رقم الأعمال للرقم الحقيقي، لذلك المطلوب حلول عملية وليس عواطف، فيما أوضح أمين سر الغرفة وسيم قطان أنه ليس الجميع مستعد للربط “بيوم وليلة”، فالتنظيم هو مطلب للجميع لكن يجب التدقيق بمن يعمل ومن يخسر، إذ يوجد هناك الكثير من المعوقات كالكهرباء والمحروقات وقوانين التجارة الداخلية، ليؤكد ونوس بأن المطلوب هو تقديم الدفاتر الحقيقية لبناء الثقة فمن لا يحقق أرباح هو غير مطالب بضرائب، مكرراً بأن كل نفقات النشاط الفعلي ستُقبل.
تعديلات تشريعية قريبة
وأشار ونوس لوجود 35 برنامج معتمد للربط لدى الإدارة الضريبية، و3 شركات لديها تطبيقات تقدم الخدمات الأساسية للمكلفين، مؤكداً أنه لم يتم فرض أية ضريبة جديدة، فيما تتضمن التعديلات التشريعية المطروحة حالياً تعديل للحد الأدنى المعفى من الضريبة، وتخفيض للمعدلات مع زيادة الشرائح، وقبول بعض النفقات الأساسية، ومجموعة ميزات في سبيل توفير الثقة والوصول لأرقام حقيقية.
عضو مجلس إدارة الغرفة ياسر كريّم طالب بالوضوح بالتعامل قائلاً: “كأننا فئران تجارب تطالبوننا بتقديم الأرقام ومن ثم تحسبون النفقات”، فيما طالب أحد الحضور بتعليمات واضحة ومكتوبة تتعلق بالمصاريف المحتسبة وإلا يكون هذا عقد إذعان.
ورداً على تساؤل يتعلق بأقساط المدارس والجامعات الخاصة التي تزيد بنسب كبيرة عما تحدده الجهات الرسمية، كشف ونوس عن توجيه المديريات المالية بأن تتواصل مع المؤسسات التعليمية لسبر الأقساط والأجور المرافقة المباشرة وغير المباشرة، للمقارنة مع البيان الحقيقي، مؤكداً أن البيانات المتعلقة بالعمل الضريبي تبقى سرية ولا يتم الكشف عنها.
البعث