أصدرت اللجنة الاقتصادية قراراً يقضي بتأييد مقترح وزارة النفط والثروة المعدنية برفع أسعار مبيع مادة الفيول للقطاع الخاص لتصبح 4.434.993 ليرة للطن الواحد، بعد أن كانت 3.3 ملايين ليرة، وذلك في ضوء نتائج أحد اجتماعات اللجنة المنعقد لاحتساب وسطي تكلفة الاستيراد التقديرية للمشتقات النفطية، ونتيجة لضرورة تعديل أسعار مبيع الفيول لتصبح بسعر التكلفة لكل القطاعات باستثناء القطاع العام، وبعد لحظ التغيرات الحاصلة على سعر صرف الليرة مقابل الدولار، والتغيرات في السعر العالمي للنفط ومشتقاته.
وقد أثار هذا القرار الكثير من الجدل، وخاصة أنه تم رفع سعر المادة ذاتها خلال الشهر الماضي من 1.4 مليون ليرة للطن الواحد إلى 3.3 ملايين ليرة.
وحول ذلك، تساءل الخبير الاقتصادي محمد كوسا خلال تصريح لـ«الوطن» عن سبب عدم القيام بدراسة متكاملة منذ البداية، لرفع السعر مرة واحدة 70 بالمئة، بدلاً من اتخاذ قرارين لذلك؟! معتبراً أن الرفع التدريجي للأسعار لا يخفف الآثار على أرض الواقع، وإنما سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع، وزيادة معدلات التضخم بشكل متسارع.
وأضاف كوسا: إنه لكون الحكومة تعيد النظر في ملف الدعم وإعادة هيكلته، فهي تقوم بترتيب بعض القضايا المتعلقة بأسعار الطاقة، وخاصة أن أسعار النفط تخضع للأسعار العالمية، وبالتالي فإن الدعم الذي تقدمه الحكومة يتمثل في فرق التكلفة بين أسعار النفط الأساسية وبين الأسعار الموزعة لأصحاب الفعاليات الاقتصادية، متوقعاً أن يصدر قرار خلال الفترة القادمة يتعلق بأسعار الكهرباء للشرائح التي يزيد استهلاكها على 1500 كيلو واط ساعي، باعتبار أن متوسط الاستهلاك المنزلي 1500 كيلو فما دون، أي إن الزيادات ستكون للشرائح التي تحقق مكاسب مادية أكبر.
وتابع: «وتسعى الحكومة من خلال سياسة إعادة هيكلة الدعم وتوزيعه على أمور أخرى غير الطاقة ودعم الأغذية الإستراتيجية للمواطن، إلى الابتعاد عن الهدر في هذا الملف».
وأشار إلى وجود ثقافة مجتمعية مترسخة بين التجار أنهم يقومون برفع الأسعار عندما يعلمون بارتفاع سعر أي مادة أولية، ويعملون على رفع الأسعار مستغلين الفترات التي لا تقوم فيها الحكومة بضبط الأسعار ومحاسبة التجار لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، لافتاً إلى أن هذا القرار يجب أن ترافقه إجراءات احتياطية من الحكومة إذا كان سيؤثر في القطاعات الإنتاجية المتعلقة بحياة المواطن واحتياجاته اليومية، لذا كان يجب على الحكومة دراسة هذه القطاعات والاطلاع على كل المعطيات على أرض الواقع لمعرفة أكثر الصناعات تأثراً.
ورأى كوسا أن العقلية الإدارية يجب أن تعمل في قراراتها وفقاً لأولويات، متسائلاً: «هل كان من الأولوية رفع أسعار الفيول خلال الفترة الحالية؟ وهل قامت الحكومة بتحديد فترة زمنية بالقرار الناظم ليبقى السعر ثابتاً خلال هذه الفترة على أن يعاد النظر فيه بالمستقبل في حال اختلفت المعطيات على أن يتم تخفيض السعر في حال تطلّب الواقع ذلك؟ لأنه كثقافة عامة يوجد هناك ما يسمى القاع الصخري للأسعار أي إن أي سلعة يتم تحديد سعر معين لها لا تنخفض في المستقبل عن هذا السعر».
الوطن