المال – علاء اسماعيل
«طب العيون مهنتي، لكنني وجدت نفسي في عالم الجمال، الذي لا ينظر إلى المرأة كجسد وحسب، بل كروح وفكر وثقافة».. هذه باختصار ملامح فلسفة بيان طالب، التي تربعت على عرش (ملكة جمال العرب في أميركا)، في موازاة فوزها بعديد الألقاب الأخرى.. الجميل هنا أن «زحمة» الشهرة، وأضواء النجومية، لم ينسيانها الجروح الغائرة في جسد حبيبتها سورية، بل ظلت في كل محفل، وعلى كل منصة، تستشعر ما عانته بلادها من آثار الحرب، وظلت مسكونة بنسمات جبال القلمون، التي تنقل عبر أثيرها محبة بيان لمسقط رأسها (النبك)..
عن هذا وغيره، وعن تفاصيل دقيقة في حياة إنسانة أوصلها جمالها، ورشحتها ثقافتها إلى تصفيات نخب ملكات الجمال، كانت هذه الدردشة..
*أن تحوزي على لقب (ملكة جمال العرب في أميركا) لعاميين متتاليين، فهذا يعني أنك اشتغلت على تحقيق هذا الحلم طويلاً.. كيف كان ذلك؟
** بداية، كانت الإنطلاقة الأولى لي باتجاه هذا اللقب عام ٢٠١٦، عندما بحثت واكتشفت أنه توجد مسابقه تمثل ثقافة المرأة العربية وفكرها، وتجسد جمالها الداخلي الحقيقي قبل الجسدي، وبعد أن فزت بالمسابقة، تفاجئت وتذكرت عبارة قالها لي- أثناء التتويج- رئيس المنظمة أشرف الجمل: «سنغلق المنظمة عندك، لأننا لن نجد مثيلا لك». لقد كنت منذ صغري أحلم دائما بالتميز والتألق، والحمد الله أنني وصلت إلى ما كنت أحلم به، وما زال أمامي الكثير من الأحلام، التي أطمح لتحقيقها.
*وما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لك كشابة سورية؟
** الفخر والاعتزاز، لأني مثلت وطني، ومثلت الفتاة السورية في هذه المسابقة العالمية.
*وكيف كان شعور الناس تجاهك، وتجاه ما يعانيه بلدك من أزمة؟
** فاجأني بعض الناس بحسن تقبله وتشجيعه ورحابة صدره، فيما كان البعض الآخر سعيدا، لأنني أمثل إرادة السوريين، الذين يصرون على الحياة والأمل، بالرغم من ويلات الحرب كلها، أنا انطلق دائما من أن الوطن يحتاجنا جميعا، ويجب أن يضع كل منا بصمته تحت اسمه، فالكثير من أجل الوطن قليل، لأننا مدينون له بوجودنا وانتمائنا..
*لديك عديد الألقاب والجوائز التي حصلت عليها في مسابقات مختلفة، كيف تصفينها؟
** نعم حظيت بألقاب كثيرة منها سفيرة لمجلة الأمم المتحدة منحتني إياها السيدة كلورديا (Gloria starr Kins) أحد رئيسي الأمم المتحدة وجمهورية مصر التي أعطتني كل الاهتمام، لقد حظيت باهتمام كبير عربيا وعالميا، ولكنني-مع الأسف- لم ألقَ مثل هذا الاهتمام في بلدي، علما بأنني صنفت ثالث أجمل امرأة الوطن العربي، وملكة جمال القارات، وسفيرة المرأة السورية لعام ٢٠١٩، إلى جانب ألقاب أخرى كثيرة..
*دراستك للطب، كيف انعكست على شخصيتك ونجاحك في هذه المسابقات؟
** نعم، بدأت دراسة الطب، اختصاص العيون (Space system Management at spaceport، Kennedy space center)، لكني شعرت أنني أبحث عن حلم غرس في أعماقي منذ الصغر، كون عائلتي تسكن بالقرب من (كندي سباس سنتدر) (Kennedy Space center) ووكالة (ناسا) الفضائية، فمنذ الصغر أحلم بالفضاء إلى أن جاهدت وحولت دراستي إلى إدارة المركبات الفضائية «أول من تحصل على إدارة مركبات فضائية في الوطن العربي» وبهذا أجسد الفتاة السورية بصمودها وتحديها، ولأكون أول من حمل هذه الشهادة في الوطن العربي.
*كيف يمكن لك أن تمثلي بلدك في أميركا، وما الرسالة التي تحملينها؟
**أقيم مع أسرتي في أميركا منذ سنين طويلة، ولكننا نحافظ على هويتنا العربية السورية، وعلى حبنا وانتمائنا لبلدنا، لذا لم ولن أفوت أية فرصة لتمثيل بلدي، فأنا استشعر سوريتي وواجباتي الوطنية في كل محفل، وعلى كل منصة، باختصار إننا مسكونون بحبنا لوطننا وناسنا.
*هل يمكن أن يساعدك اللقب الذي حصلت عليه في تقديم المساعدة لبلدك وأبناء بلدتك؟
**نعم ساعدني ذلك لكن خارج الوطن، حيث قمت برعاية اللاجئين السوريين، الذين سافروا إلى أميركا عبر تقديم كل المساعدات التي استطعنا توفيرها لهم.
*من أول من شجعك وأخذ بيدك لتنمية هذه الموهبة وفوزك باللقب ملكة جمال العرب في أميركا؟
** أسرتي ووالدتي تلك المرأة المسكونة بعاطفتها، والقوية بطموحها.
*ماهي الصعوبات والعراقيل التي واجهتك، وأي المراحل كانت هي الأصعب في حياتك؟
** لا توجد صعوبات شائكة بالمعنى الصحيح، والحمد الله، ولكني واجهت القليل منها عندما حرصت على التوفيق بين دراستي وهوايتي.
*أنت الآن ملكة جمال العرب في أميركا مشهورة ومعروفة محليا ودوليا، كيف وصلت الى هذه المرحلة من شهرة وانتشار واسعين، وكيف تغيرت حياتك بعد فوزك باللقب؟
** تم ذلك بفضل الله، ثم بفضل اشتغالي على نفسي، وتأمين الراحة والرفاهية لي من قبل والدي وأسرتي، حتى أصبحت حياتي تحت الأضواء، وهذا يحملني مسؤولية كبيرة، فأنا أحب ما أقوم به.
* متى ستزورين وطنك سورية؟
**ستبقى سورية شمس الأرض ومئذنة الأديان وروح الإنسانية شاء من شاء وأبى من أبى.
*كلمة أخيرة:
الدمعة التي نزلت من مقلة أمنا سورية، والجرح النازف الذي أصاب فؤادها لن يمحوا عشرة آلاف سنة حضارة زينت بها عنقها، وستعود شمس بلادنا لتشرق من جديد، فالسوري تقويه المحن، وتصقل إرادته الشدائد..
أنا بنت النبك.. ولجبال وهواء القلمون في قلبي نصيب
*انت بنت مدينة النبك في القلمون، ماذا عن ارتباطك ببلدك وسفرك الى هناك؟
** نعم النبك، إنها جذوري التي تفرعت منها، ولن أنسى جبال وهواء القلمون، وكانت عائلتي حريصة على زيارة الوطن كل عام، ولم ابتعد عن مدينتي روحانيا، فالمرء أينما وحيثما ذهب وحل يبقى أبدا حينيه لمسقط رأسه