الإقراض المصرفي في دائرة الضوء.. المصارف لم تأخذ دورها بالشكل المطلوب في دعم المشاريع الزراعية والصناعية والعقاري لم يستأنف منح القروض الإنمائية

لا يخفى على أحد أهمية استئناف منح القروض كافة بعد توقف دام حوالي الثلاثة أشهر ليعيد القرار الحياة الاقتصادية لسابق عهدها وللمشاريع الصغيرة والمتوسطة الأمل في دوران عجلتها بعد أن صار ممكناً إيجاد التمويل اللازم لها.

مواطنون التقيناهم في بهو عدد من المصارف العامة عبروا عن رضاهم لعودة حركة الإقراض المصرفي خاصة وأن معظمهم من أصحاب الدخل المحدود أو ممن تضررت بيوتهم في سنوات الحرب العدوانية الطويلة على بلدنا وهم بحاجة لإعادة بناء وترميم ما تهدم.

من جهتهم تباينت آراء تجار وصناعيين حول استئناف منح القروض بصيغتها الحالية، ورأى البعض ضرورة فتح السقف الائتماني الذي لا يتجاوز الـ 500 مليون ليرة حالياً، وهو غير كاف في ظل الحصار المفروض وقانون قيصر وارتفاع أسعار الآلات والمعدات والمواد الأولية المستوردة، مؤكدين أهمية رفع السقف ليتماشى مع الغايات والأهداف الحقيقية لكافة القروض، ولتحقيق الأهداف الاجتماعية لقروض أصحاب الدخل المحدود، ودعم مستلزمات الإنتاج الزراعي وتوفير الأمن الغذائي من خلال القروض الزراعية، إضافة للمساهمة الفعالة في نهوض الحركة العمرانية وشراء المساكن بمساعدة القروض العقارية.

معايير وتصنيفات في المصرف الصناعي
عن دور المصرف الصناعي بحمص حدثنا مديره منذر دردر قائلاً: صدرت التعليمات التنفيذية في 13/9/2020 الخاصة باستئناف منح القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة المعتمدة وفق قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 35/م تاريخ 7/5/2017، ولدى محاولتنا تطبيق المعايير على أرض الواقع الحالي وجدنا أن منح القروض لا يتناسب مع موجودات المنشآت وعدد عمالها أيضاً، حيث يتضمن نص القرار وجود ما قيمته 250 مليون ليرة للمنشآت المتوسطة، وحالياً فإن قيمة هذه الموجودات تتطلب وجود 500 مليون ليرة على الأقل، والأمر ذاته ينطبق على المشروعات الصغيرة، كما أن عدد العمال المسجلين في التأمينات يجب أن يصل إلى 20 عاملاً على الأقل في المتوسطة وستة عمال في الصغيرة، وحالياً تدرس الإدارة العامة للمصرف التصنيف الوارد من قبل وزارة الاقتصاد سواء للمشاريع الصغيرة أم المتوسطة، لنتمكن بعد التعديل من استئناف منح القروض مجدداً.
السوق تحتاج مستلزمات الإنتاج

وعن دور المصرف في إعادة إحياء الليرة ورفع قيمتها أمام العملات الأجنبية قال: إن للمصرف دور كبير في حركة الاقتصاد في البلدان كافة وفي حالتي انكماش الليرة والتضخم ولعل منح القروض بفوائد مبسطة يدعم العجلة الاقتصادية الإنتاجية والصناعية، وأرى أن المصارف لم تأخذ دورها بالشكل المطلوب في دعم المشاريع الزراعية والصناعية، وحالياً فإن السوق المحلية ليست بحاجة لاستيراد السيارات والأدوات الكهربائية بقدر ما هي بحاجة لاستيراد مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي.

تمويل مختلف المشروعات..
وفيما يتعلق بإعادة التصنيف ومنح القروض مجدداً قال: للمصارف دور كبير في تمويل المشاريع الزراعية والصناعية وخلق فرص عمل كبيرة وزيادة القيمة الحقيقية لليرة، ولا سيما أن بلدنا تتوفر فيها الطاقات الإنتاجية الكبيرة والأيدي العاملة الخبيرة وغيرها من المواد الأساسية للإنتاج، ونحن اليوم بحاجة لإيجاد مشاريع زراعية وصناعية دعماً للاقتصاد الوطني وزيادة الدخل، متمنياً أن تأخذ المصارف دورها المنوط بها بشكل عام، مشيراً إلى التسهيلات التي يقدمها المصرف الصناعي والتي تبدأ منذ خطوات الصناعي الأولى لإقامة مشروعه وبتكلفة 50 بالمئة من سعر الأرض، حيث يقوم المصرف بالتمويل وبـ50 بالمئة من تكلفة البناء ومن قيمة الآلات، كما يتم دعمه بقرض شراء المواد الأولية ويستمر معه حتى تظهر منتجاته للعيان وتباع في الأسواق، وهنا تكمن أهمية المصرف في المشاريع الصناعية والزراعية أيضاً التي أدخلت مؤخراً، إضافة للدور الحديث في دعم المنشآت التعليمية والمهن العلمية (أطباء، مهندسين، مخابر أسنان وغيرها) والمنشآت الزراعية (الدواجن والأبقار).
ونوه دردر إلى أن المصرف الصناعي خرج اليوم عن إطار التخصص ويحاول أن يكون له دور فاعل في حقيبة التوظيفات ذات الجدوى الاقتصادية، ويحتل المصرف الصناعي اليوم المرتبة الأولى بالتصنيف وإعطاء التسهيلات للمقاولين وكفالات أولية ونهائية لزوم المشاريع التي يدخلون فيها بمناقصات مع الدولة، حيث يصدر المصرف الصناعي الكفالات المؤقتة والنهائية للمقاولين والمهندسين.

تعديل سقف الإقراض في الزراعي
تشجيعاً لإعادة الحياة الزراعية وإعادة الحياة الزراعية إلى سابق عهدها كان لا بد من دعم الفلاحين والمزارعين بحزمة من القروض تساعدهم على تنشيط زراعاتهم، وعن ذلك حدثنا محمد الأحمد مدير المصرف الزراعي في حمص قائلاً: إن استئناف منح القروض الزراعية وتعديل سقوف الإقراض كان له الأثر الكبير في دعم الإخوة المزارعين لتأمين احتياجات ومستلزمات زراعتهم من أسمدة وبذور وأهمها المحاصيل الإستراتيجية كالقمح، وكان لعملية التواصل بين المصرف والقطاع الزراعي دور إيجابي في إدراج غايات جديدة بجدول الاحتياج في المصرف بهدف التنمية الزراعية، ويعمل المصرف حالياً على تقديم القروض قصيرة الأجل لتمويل مداجن الفروج والبياض وتمويل القمح والأشجار المثمرة والبيوت البلاستيكية وخدمات الثروة الحيوانية، كما يقدم القروض متوسطة الأجل لتجهيزات المداجن والآبار المرخصة وشراء الأبقار، والقروض طويلة الأجل لشراء الجرارات وإنشاء الحظائر وتجهيزات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، ويعمل المصرف الزراعي على تقديم خدمة فتح الحسابات الجارية والتوفير والودائع وصرف رواتب المتقاعدين التي يتم تخصيصها من المؤسسة العامة للتأمين والمعاش شهرياً.

سلة منتجات مصرفية في التجاري
السيدة عفاف الحسن مديرة فرع 1 للمصرف التجاري بحمص تحدثت بإسهاب عن الدور الكبير الذي يقوم به التجاري السوري بتقديمه سلة منتجات مصرفية تتسع لقروض تستهدف كافة مناحي الحياة تقريباً، وتستقطب مختلف الشرائح المجتمعية والمشاريع التنموية والإنتاجية، وأكدت أن التجاري السوري طرح خلال أقل من عام عدداً من المنتجات التسليفية تنسجم مع الاحتياجات على المستوى الإنتاجي الاستهلاكي ضمن ضوابط محددة بما يتماشى مع احتياجات المواطنين، عدا عن مجموعة من المنتجات التسليفية الخاصة بالشركات وأصحاب المهن الحرة لتمكين كل منهم من الحصول على التمويل الأنسب لاحتياجاتهم بقيم متفاوتة تبدأ من مئة ألف ليرة وقد تصل إلى 500 مليون ليرة، مؤكدة أن عدد القروض الممنوحة هي ستة آلاف قرض بمبلغ إجمالي 15 ملياراً و700 مليون ليرة، وبلغ عدد القروض الممنوحة لدى فرع 1 للتجاري بحمص 227 قرضاً بمبلغ إجمالي بلغ 366 مليون ليرة، مع وجود 17 طلباً قيد الدراسة حالياً، وهذا الإقبال على القروض الشخصية يدل على أهميتها وثقة المقترض بالمصرف والمرونة التي يتعامل بها مع طالب القرض.

وأضافت الحسن: تم الإعلان مؤخراً عن إطلاق برنامج الخدمات الالكترونية للمصرف، ويتمثل بعدة خدمات توفر الوقت والجهد من خلال الدخول إلى موقع المصرف والاشتراك بها عن طريق الانترنت أو تطبيق الهاتف الجوال ومراجعة المصرف لملء الاستمارة وتزويد المتعاملين بكود التفعيل، وتم توجيه العديد من الكتب للمؤسسات والشركات لتعريف العاملين وتوجيههم بضرورة الاشتراك، وبناء على الاتفاق الموقع مع وزارة الاقتصاد ممثلة بهيئة تنمية الصادرات والإنتاج المحلي أعلن المصرف عن قرض بفائدة تشخيصية 7 % لتمويل مجموعة من البرامج المستهدفة (صناعة الورق، النشاء، القطر الصناعي، صناعة الخيوط، مستلزمات إنتاج الري الحديث، إقامة معامل لصناعة البطاريات والمداجن المرخصة).

وأضافت الحسن: إن هذا التنوع لسلة القروض المصرفي التي طرحها التجاري هو نشاط ذو فائدة مزدوجة ما يخلق فرص عمل عبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة ما يساهم في دوران وتنشيط عجلة الاقتصاد وعوائد القروض للمصرف من خلال توظيف الكتلة النقدية.

التقيد بالمعايير المعتمدة في العقاري
للقروض العقارية أهمية كبيرة في إعادة الإعمار وخاصة للمناطق التي تضررت من الإرهاب، وعنها حدثنا السيد عصام نحاس مدير المصرف العقاري بحمص قائلاً: إن استئناف منح القروض السكنية للمواطنين له دور إيجابي في تمويل الحركة العمرانية من خلال قروض الشراء بكافة أنواعها والإكساء والترميم، ما يؤدي إلى المساهمة في تنشيط حركة السوق، مضيفاً إننا لم نتلقَ إشعاراً بالمتابعة بمنح القروض الإنمائية حتى تاريخه، ومؤكداً ضرورة التقيد بالمعايير المعتمدة في منح القروض، مع زيادة التأكيد على تخمين العقارات بما يتناسب مع الواقع دون المبالغة بالتخمين، مع التأكيد على صحة ودقة الاستعلام المالي للمقترض.

تسهيلات تقتصر على الكفلاء
وعن التسهيلات المقدمة أشار نحاس إلى أنها تقتصر على الكفلاء، حيث كان يشترط سابقاً أن يكون الكفيل المهني من الأصول أو الفروع، وحالياً تم إلغاء هذا الشرط، وأصبح بالإمكان قبول الكفيل أياً كان ويوجد حالياً تحسن في المنح خاصة بعد رفع سقف القروض ولا سيما الشراء إلى 15 مليوناً والكساء 10 مليون ليرة والترميم 4 ملايين ليرة، كما أن المعايير الجديدة الخاصة بعمل الكفلاء سهلت موضوع الإقراض، حيث بلغ عدد المقترضين 22 مقترضاً تتوزع أغلبيتها ما بين الشراء والترميم. مؤكداً أن عمل المصارف هو عصب الاقتصاد وأن تنشيط العمل المصرفي سواء الإيداعات أم التوظيفات تساعد عجلة النمو الاقتصادي وتقوي الحركة الاقتصادية، الأمر الذي ينعكس بدوره على قوة الليرة السورية من حيث حركة الحسابات والتداولات والقوة الشرائية، وما نشهده خلال هذه الفترة من الزيادة الكبيرة للإيداعات خير مثال على ذلك.
ودعا نحاس إلى أن يتم الاستعلام في الملف الائتماني للمقترضين لدى المصرف المركزي بفروعه من خلال إحداث مكاتب مختصة في كل فرع حيث إن الاستعلام الائتماني لدى مصرف سورية المركزي في دمشق يتسبب في تأخير عمليات المنح.

الثورة

شارك