الضرائب والتخوف من الملاحقة الجمركية عثرات في مسار تحول الشركات إلى مساهمة عامة

تشهد الفترة الحالية حركة ملحوظة لأفراد وأصحاب فعاليات اقتصادية في الهيئة العامة للأوراق المالية تحمل العديد من التساؤلات والاستفسارات حول ما وصلت إليه الأمور بشأن تعديل قانون التحول رقم 61 لعام 2007 إلى شركات مساهمة عامة، ما يشي بنمو الوعي باتجاه التأسيس أو التحول إلى هذا الشكل من الشركات، بحسب مدير عام الهيئة الدكتور عابد فضلية الذي بيّن ارتفاع عدد المراجعين للهيئة، سواء من أصحاب الفعاليات، أو من مستشاري الشركاء الخارجيين الراغبين بتأسيس شركات داخل سورية، فهل تنجح الصيغة الجديدة للقانون في تخطي عقبات التحول، وتمهيد الطريق لاقتصاد وطني محوكم وشفاف؟!.

في البداية
لا شك أن قانون التحول الحالي لم ينجح في جذب مؤسسات فردية وعائلية لمسار التحول، ولم يمتلك الوقت الكافي لنرصد إمكانية نجاحه كونه صدر قبيل الأزمة بعامين إلى ثلاثة أعوام فقط، بحسب فضلية، لافتاً إلى أن سيطرة العقلية الفردية على اقتصادنا منذ عشرات العقود جعلت من الصعب على أصحاب الشركات التخلي عن ثقافة إدارة أموالهم بأنفسهم، بالتوازي مع اكتناف القانون ببنود جامدة حدت من التفكير بالتحول كالنسب الضريبية العالية المفروضة على إعادة تقييم الموجودات، وفي هذا السياق بيّن فضلية أن مسودة القانون الجديد درست بعناية وعالجت تلك النقاط بشكل يضمن التشجّع على التحول، إذ تم وضع آلية واضحة ونسب تكلفة شبه معدومة- التي شكّلت عثرة هامة في مسار التحول سابقاً- في مسودة القانون، كما لحظت تخوف بعض أصحاب الشركات من التقدير الحالي لقيم آلاتهم ومستلزمات شركتهم بأكثر من قيمها المصرّح عنها لدى استيرادها، ما يستوجب وفق اعتقادهم عودة الجمارك ومحاسبتهم، لافتاً إلى أن هذا التخوف غير وارد وغير قانوني، فلا يوجد توجّه لدى الجهات الحكومية بهذا السياق، لذا تم تضمين القانون بنداً صريحاً يفيد بعدم العودة إلى قيم الآلات، وتم إسناد المهمة إلى لجان فنية مختصة تعيد تقييمها، كما تم العمل على تحسين آلية التقييم في مسودة القانون.

قانون آخر
يبدو أن هناك تخوفاً لدى تأسيس شركات مساهمة عامة من نسبة الضرائب، إذ يسود اعتقاد بأن الضريبة عالية كونها تتراوح ما بين 14 إلى 26%، بحسب طبيعة العمل، وعدد المساهمين، والأسهم الحرة، ويوضح فضلية أن الضريبة ليست كبيرة، لكن ارتفاع نسب التهرب الضريبي وسهولته شجع هذا الاعتقاد، إذ تدفع أشباه شركات المساهمة العامة ما يقارب 1% ضريبة فقط، مؤكداً أن النسخة الجديدة تتميز بوضوح أكبر وتكاليف أقل، وتتمتع بمرونة عالية، وتسعى الهيئة لإضافة قانون تشجيع تأسيس شركات عامة لتكريس المبدأ الاقتصادي الذي يؤكد على أنه كلما كان في اقتصاد ما الكثير من الشركات المساهمة العامة يكون العمل والأداء أكثر موثوقية كونها تعمل بنظام شفاف وموضوعي، وتخضع لتدقيق خارجي وتوثيق حكومي وشبه رسمي، وبعيدة عن التهرب الضريبي، وكلما زادت نسبة الشركات المساهمة في اقتصاد ما زادت الثقة به، وجذبت الكثير من المستثمرين المحليين والخارجيين.

عدالة ضريبية
مدير عام سوق دمشق للأوراق المالية الدكتور عبد الرزاق قاسم بيّن أن قانون التحول يقدم فائدة كبيرة للاقتصاد الوطني وللشركات، لاسيما التي تضررت بسبب ظروف الأزمة، وفقدت مصادر تمويلها، كونه قادراً على إعادة تمويلها من قبل مساهمين أو مكتتبين جدد، وأكد ما ذهب إليه فضلية بأن الضرائب التي ستفرض على إعادة تقويم الأصول تشكّل أس المسألة كونها مسجلة بالقيم القديمة التي تم الشراء بها، لذلك برز التوجّه لضرورة الإعفاء من الضرائب، أو وضع نسب منخفضة، مشيراً إلى مفصلية أخرى هامة تتمثّل بضرورة إيجاد عدالة ضريبية بين الأشكال القانونية المختلفة التي تحفظها القوانين والتشريعات، ولكن تفرّقها الممارسة العملية، إذ تستطيع الشركات الأخرى استخدام آليات للتهرب الضريبي، بينما تلتزم المساهمة العامة بدفعها كونها تخضع للرقابة والإفصاح، ولا مجال للتلاعب الضريبي، ولفت قاسم إلى أهمية القانون كونه يطبق على مشاريع قائمة وليست في طور التأسيس، وبالتالي لدى تحويلها تستطيع تسريع زيادة الناتج المحلي ومعدلات النمو في الاقتصاد الوطني، كون هذه المشاريع قائمة ولا تحتاج إلى تمويل وتكاليف كبيرة، وتعمل على استغلال الموارد القائمة.

دراسة جاهزة
وكشف فضلية عن وجود دراسة شبه جاهزة لقانون آخر حول تأسيس شركات المساهمة العمومية المغفلة التي تمتلك الدولة كافة أسهمها، ويشمل القانون أيضاً نوعاً خاصاً للشركات المشتركة ما بين القطاعين العام والخاص، وآخر وفق الصيغة التعاقدية “بوت”، مشيراً إلى أن هذا النوع موجّه لإصلاح مؤسسات القطاع العام أكثر منها لتأسيس شركات مساهمة عامة، وبيّن فضلية أنه من الضروري فرض تأسيس شركات مساهمة عامة على الفعاليات الاقتصادية الكبيرة والاستراتيجية كشركات التطوير العقاري والنقل البحري والبري بالشاحنات والقاطرات التي يزيد رأس مالها عن عشرة مليارات، أو تزيد عن مئة ناقلة.

نشاطها محدود
بدوره قاسم بيّن أن كافة الشركات التي تنطبق عليها معايير الإدراج في البورصة تم إدراجها باستثناء شركة العربية للمنشآت السياحية كونها تعاني من إشكاليات قانونية مع وزارة السياحة، ولديها نوعان من الأسهم، ممتازة وعادية، وضوابط السوق تحدد سعراً واحداً للأسهم، وما تبقى خارج مظلة البورصة لعدم تحقق ضوابط الإدراج كالشركات المتوقفة عن العمل أو الخاسرة.
يذكر أن عدد الشركات المساهمة العامة المسجلة أصولاً يبلغ 52 شركة، منها 28 شركة مدرجة أسهمها في سوق دمشق، أما الشركات الباقية فهي إما شركات قديمة جداً أو نشاطها محدود وغير مفعلة، وتدرس الهيئة وضع وماهية هذه الشركات وحجمها ومصادر تمويلها والمعيقات التي تمنعها من إدراج أسهمها في البورصة لمعالجتها وجذبها إلى سوق دمشق.

البعث

شارك