استهلاك النفط يفوق المتاح.. وبوادر انفراج وتراجع بالأسعار … إفراج الصين عن احتياطيات من البنزين وترقب زيادات إنتاج بعد اجتماع أوبك

كشفت أزمات الطاقة التي تلوح في الأفق وحسب ما صدر عن باحثين ومهتمين في شؤون الطاقة أن هذه الأزمات عرت تماماً هشاشة عصر الطاقة النظيفة، وسيبقى اعتماد الاقتصادات قائماً على الوقود الأحفوري، في ظل تناقصات تضرب أطنابها غرباً وشرقاً.

وتعني زيادة الطلب على الكهرباء وتقلبات أسعار الوقود أن العالم سيظل يعاني من الصعوبات في مجال الطاقة لعقود قادمة، ومن المحتمل أن تتراوح تداعيات ذلك بين فترات ارتفاع أسعار التضخم بسبب مشكلات الطاقة وتزايد الفجوة في الدخول بين دول العالم وصولاً إلى خطر حدوث انقطاعات واسعة للكهرباء وتوقف النمو الاقتصادي والإنتاج.

وحسب «وكالات»: إن العالم يمر الآن بأول أزمة طاقة كبرى منذ بدء التحول نحو الطاقة النظيفة والتي لن تكون الأخيرة.. فنقص الإمدادات يضرب أسواق الغاز الطبيعي والكهرباء على مستوى العالم من بريطانيا حتى الصين بالتزامن مع تعافي الطلب العالمي على الطاقة نتيجة انتهاء الجائحة… إلا أن المختلف هذه المرة هو أن أزمة الطاقة تأتي في الوقت الذي تمر فيه الاقتصادات الغنية بواحدة من أكثر مراحل التحول في أنظمة الطاقة طموحاً منذ عصر الكهرباء حيث لا توجد طرق سهلة لتخزين الطاقة التي يتم توليدها من المصادر المتجددة. فإن التحول إلى الطاقة النظيفة يستهدف جعل أنظمة الطاقة في أي بلد أكثر وليس أقل مرونة. لكن التحول الفعلي نحو الطاقة النظيفة سيستغرق عدة عقود وخلال هذه العقود سيظل العالم يعتمد على الوقود الأحفوري حتى في الوقت الذي يغير فيه المنتجون الرئيسيون للنفط إستراتيجياتهم الإنتاجية بشكل جذري.
وجاء في أحدث «تقرير» أن أوروبا الآن تشهد حالة من الفوضى في سوق الطاقة، ففي الشتاء الماضي الذي كان أبرد من المعتاد تم استنزاف مخزونات الغاز في حين لم تحاول روسيا أكبر مصدر إلى أوروبا تعويض هذا النقص خلال الصيف لترتفع أسعار الكهرباء والغاز لمستويات قياسية مع تزايد الطلب نتيجة تعافي الأنشطة الاقتصادية من تداعيات الجائحة، هذا السيناريو كان سيحدث لو أن العالم تعرض للجائحة قبل 20 عاماً، لكن الآن أوروبا تعتمد على مزيج مختلف من مصادر الطاقة.. ولأن أميركا تعتمد على الغاز الطبيعي في إنتاج 40 بالمئة من الكهرباء فإن الأسعار المرتفعة ستؤدي حتماً إلى ارتفاع فواتير الكهرباء والتدفئة للمستهلكين. وفي الصين ورغم محاولة الحكومة زيادة حصة الطاقة المتجددة فإن الاقتصاد الصناعي مازال يعتمد على الوقود الأحفوري سواء أكان فحماً أو نفطاً أو غازاً طبيعياً. وعندما استأنفت المصانع نشاطها بكامل طاقتها عقب الجائحة لم تجد الصين وقوداً كافياً لإنتاج الكهرباء التي تحتاجها المصانع. لذلك انكمش الإنتاج الصناعي للصين الشهر الماضي لأول مرة منذ 19 شهراً وهو ما يعني أن ارتفاع أسعار الطاقة أصبح أكبر صدمة تضرب ثاني أكبر اقتصاد في العالم منذ بداية الجائحة.
وبما يخص تأمين كميات من النفط توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد إنهائها الأسبوع الماضي على ارتفاع، ولكن مع تسجيل أول خسارة أسبوعية عقب سلسلة من المكاسب، مؤكدين أن الخسائر تعود إلى ارتفاع المخزونات الأميركية، إضافة إلى الأنباء عن استئناف مفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني ما جدد احتمالات زيادة المعروض النفطي في الأسواق.
ويستعد وزراء الطاقة في مجموعة «أوبك +» لعقد الاجتماع الشهري الجديد الخميس المقبل عبر الفيديو وسط ترجيحات باستمرار المجموعة في برنامجها السابق بزيادة شهرية في الإمدادات بنحو 400 ألف برميل يومياً.
وأوضح محللون لـ«وكالات»: أن أسعار النفط الخام حققت مكاسب شهرية في تشرين الأول الماضي بنسبة 11 في المئة، وسط علامات على أن الاستهلاك يفوق العرض ويستنزف المخزونات، لافتين إلى أن زيادة حركة التنقل والسفر الجوي جعلت هناك طلباً قوياً على المنتجات النفطية مع توقع تحقيق مزيد من التعافي خلال الربع الحالي.
وعلى صعيد الأسعار فقد تراجعت أسعار النفط العالمية، أمس الإثنين، بعد أن قالت الصين إنها أفرجت عن احتياطيات من البنزين والسولار لتعزيز المعروض في حين قام المستثمرون بتسوية مراكزهم قبل اجتماع أوبك+ في الرابع من نوفمبر.
أخيراً يمكن القول إن أزمة الطاقة الحالية تفرض على العالم قدرا كبيراً من الحذر في التعامل مع ملف التحول من الطاقة التقليدية إلى الطاقة النظيفة حتى لا يواجه عواقب يصعب استيعابها.

شارك