القرض..حل أم مشكلة؟

للخروج من قهر العوز والأبواب المغلقة في زمن غلاء معيشي يلتهم رواتب ذوي الدخل المحدود ،يلجأ الآلاف من هؤلاء العاملين إلى القرض كحل إسعافي للخروج من ضائقة مالية خانقة ،تتعدد وتتنوع أسبابها..ربما لإيفاء دين لصديق أو قريب عجز طالب القرض عن تسديده وخلف بوعده وأوجعه ذل النهار وهم الليل ، أو لدفع أجار المسكن أو قد يكون تكاليف علاج من مرض ما ،في الوقت الذي كان قبل سنوات الحرب يستعان بالقرض لتجديد أثاث المنزل أو لشراء سيارة أو ذهب (زينة وخزينة).
حل مؤقت لاغنى عنه
السيدة مها وقد خاضت تجربة القروض أكثر من مرة تؤكد أن القرض حل مؤقت لابد منه لأنه لايوجد بديل آخر ،وغالبا ًما تلجأ إليه الزوجة لتعين زوجها عندما تشعر بعجزه المادي عن تأمين حاجيات أساسية أسرية رغم عمله بدوامين ،وعن كيفية وإمكانية التسديد قالت :عند الحاجة الماسة للقرض لانفكر بكيفية التسديد بل أغلبنا يترك “هم بكرا لبكرا” ويتأمل الفرج القريب وهذا السبب الذي يجعل البعض يوقعون في فخ القرض عندما يعجزون عن تسديده تحت ضغط التزامات كثيرة آخر الشهر .
يخالف السيد أحمد محمد وجهة النظر السابقة ويرى أهمية وضرورة التفكير كثيرا ًوطويلاً والتأني قبل الإقدام على هذه الخطوة ودراسة ذلك مع أفراد الأسرة والتأكد من ميزانية الأسرة وحساب الصادرات والواردات قبل سحب أي قرض، وفي حال الإجماع على الاقتراض يجب تحديد المبلغ المطلوب والضروري ووضع خريطة استثمارية تساعد على صرفه في المكان الصحيح لتجنب احتمال العوز مرة ثانية وكي لايصبح عبئا إضافيا. وتلفت السيدة آلاء علي إلى أهمية وضرورة الحفاظ على الراتب آخر الشهر وعدم تآكله ولاسيما أغلبنا لايصل إلى جيبه إلا القليل بسبب تورطنا في أكثر من جمعية وتراكم الديون في المحلات التجارية والتزامات كثيرة توقعنا في حرج و ربما قد تصل بنا إلى الملاحقة القضائية ،من هنا تأتي أهمية الأخذ بالمثل القائل (على قد لحافك مد رجليك) ولو أن اللحاف قد قصر كثيراً.
قروض العوز وعوز الكفالات
إذا كان الآلاف ممن يحصلون على القروض فإن مئات الآلاف ممن يرغبون بها لم يتمكنوا من الحصول عليها والسبب في ذلك هو عدم مقدرتهم تأمين الضمانات الكافية أو الكفلاء وهنا تبدو أهمية الضمانات أكثر من أهمية القرض نفسه.
بكثير من الحزن والأسف تروي السيدة أسماء قصة معاناتها في تأمين الكفيل قائلة :تمنع أقرب الناس لي عن القيام بهذه الخطوة رغم إعلان حاجتي الماسة للقرض وبث الطمأنينة في نفوسهم وكذلك عرضي لهم بمبلغ من المال علماً أنني من العاملين المثبتين ولامبرر لأي شخص يرفض الكفالة.
بعيداً عن التعقيد وببساطة يقول السيد يوسف ابراهيم : أعتقد أن الأمر بشأن الكفيل لايتعلق بموضوع الثقة وإنما هناك انطباع في الأذهان وصورة لهذا الكفيل أنه ضحية جراء قصص لمقترضين تخلفوا عن تسديد الدين وتورط الكفلاء ،وشائعات كثيرة عن هذا الموضوع ،وقلة قليلة تشجع على الاستجابة لأي محتاج لقرض وكفالته من منطلق التكافل الاجتماعي الضروري في هذا الظرف الصعب والبعض يجد صعوبة في رفض طلب صديق لكفالته بقرض ويرى أن لاقيمة لأي مبلغ مالي قد يخسره مقابل خسارة صديقه.
ضعف الثقافة المصرفية
خبير اقتصادي أكد للثورة أن المواطن يجب أن يتزود بثقافة مصرفية تمكنه من سحب القرض الذي يرغب دون الوقوع في مطب العجز عن التسديد ويكون ذلك بدراسة للجدوى الاقتصادية للمبلغ المطلوب وأن يوظف المبلغ لغاية وحاجة ضرورية ولايطمع في زيادة قيمةالمبلغ المطلوب عن الحاجة، والأثر الاجتماعي للقرض مرتبط بمستوى دخل الفرد الذي يجب أن يتوازى مع كمية وحجم استهلاكه.

nn6.jpg

السيد زياد الحصان،مدير مصرف التسليف الشعبي،فرع المزة(لذوي الدخل المحدود) يقول:القرض هو مبلغ مالي يلبي حاجة فئة لابأس بها من ذوي الدخل المحدود ويرغب به المواطن لأنه من جهة عامة وليست خاصة فلا يضطر للاستدانة من صديق أو قريب مما يوقعه في بعض الأحيان تحت الملاحقة الاجتماعية،ويصل سقف القرض إلى خمسة ملايين ليرة وأدنى مبلغ هو خمسون ألفا ويشترط تقديم بيانات الراتب حتى يضمن المصرف حقه بالتسديد ويتأكد من المبلغ الذي يستطيع صاحب القرض الحصول عليه وليس أكثر من ٤٠%من راتبه المقطوع وهذا الإجراء حماية له أكثر من المصرف وذلك ليبقى٦٠%حفاظا ًعلى استمرارية معيشته،ونسبة الفوائد هي ٧%سنويا ًوبالتالي تزداد مع زيادة سنوات التقسيط وللمقترض الخيار لمدة سنة أو سنتين أوثلاث أو أربع أو خمس سنوات.. وعلى سبيل المثال قرض بمبلغ مليون ليرة تبلغ فوائده لمدة خمس سنوات( ٣٧٢ألف ليرة) أي سنويا(ً٧٤ألف ليرة )وعلى الرغم من أن الكفيل مثل المدين متضامن معه والكفيل كما يقال (حطاط)ولكن نسبة قليلة جداً واستثنائية من تتخلف عن التسديد وتخلي بالكفيل ..وحالات نادرة تتم ملاحقتها قضائياً بعد توقفها عن السداد ثلاثة أشهر لعجزها عن التسديد وغياب المقترض والكفيل ،وحالياً يكفي كفيل واحد لديه خدمة خمس سنوات ومثبت، وهناك ضمانات أخرى مثل ضمانات شهادات الاستثمار أو حسابات جارية أو توفير أو ضمانة عقارية ومدة تسليم القرض لاتتجاوز اليومين أو ثلاثة بعد تقديم الأوراق المطلوبة ،وتزداد نسبة المقترضين قبيل الأعياد وافتتاح المدارس.

القرض حل عندما يعي صاحبه متى ولماذا يلجأ إليه ؟وأين وكيف يستثمره ؟ويكون على دراية بثقافة الخدمة المصرفية.

الثورة

شارك