عضو في تجارة دمشق: المستورد لا يعرف الكلفة الحقيقية ويفكر بالسعر التعويضي للسلعة … عربش: التصريحات الحكومية حول ضبط الأسعار مكررة ولا تقدم ولا تؤخر

تشهد الأسواق ارتفاعات سريعة وغير مسبوقة بالأسعار، وتأخذ أسعار المواد والسلع الغذائية منحى تصاعدياً، في ظل غياب أي ضبط حكومي للأسواق والأسعار، ويعود الجدل عن المسؤول عن ارتفاع الأسعار المفاجئ؟ وهل هو غياب الرقابة مع جشع التجار؟

عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق قال: إن الظروف الراهنة تفرض علينا كتجار وقطاع أعمال تغير آلية عملنا، مشيراً إلى أن أحد المعوقات التي تواجه قطاع الأعمال موجود وهو عدم وضوح الكلفة، فأي عقد يحاول التجار أو المستوردون تثبيته مع الشركات التي تتعامل معها منذ زمن طويل، يتفق على ثمنه عندما تصبح البضائع جاهزة للشحن أي عندما تصل إلى الموانئ وذلك بسبب الارتفاعات المستمرة بالأسعار، ولأجور الشحن.

وأشار إلى أنه وبسبب فقدان التجار المرونة بآلية إجازات الاستيراد والتسعير والتحويل أصبح هناك معوقات، وأضاف: ما يحصل الآن أننا لم نتمكن من تحديد كلفتنا لاسترداد قيمة البضائع المتوافرة في المخازن ما يخلق خللاً باسترداد رأس المال السلعي للتجار.

وطالب بضرورة أن تحدد كلف المواد والسلع من قبل كل الحلقات ليس بموجب الرسوم الجمركية فقط وإصدار إجازات الاستيراد بل بالتعاون مع الدوائر المالية واحتساب أجور الشحن وغيرها، لافتاً إلى أن تغيرات سعر الصرف لاشك كان لها تأثيرات على موضوع التوريدات والقدرة على تحقيق المشتريات الأمثل بالنسبة للسوق.

وقال: نحن كقطاع أعمال نعرف اليوم احتياجات السوق مثلاً من مادة إلا أنه لا يصل منها سوى 50 إلى 70 بالمئة نتيجة الظروف وارتفاع أسعار الكلف.

وأشار الحلاق إلى أن تكلفة شحن البضائع كانت من الهند مثلاً 1800 دولار على الحاوية بعام 2020، أما حالياً فالتكلفة بلغت 8200 دولار وهو سعر غير ثابت، أما سيريلانكا فتكلفة الشحن منها إلى سورية تبلغ 7800 دولار، إضافة إلى أن تكلفة الشحن من الصين والتي تجاوزت 12000 دولار للشاحنة سعة 40 قدماً. وبعض الدول كانت 2000 واليوم أصبحت 20 ألف دولار وغيرها…

الحلاق أوضح وجود أزمة جديدة اليوم تتمثل بعدم معرفة النفقات، موضحاً بأن أي بضاعة تباع بسعر تكاليف المنتج لكن لا تحتسب أجور النقل، معتبراً أن هذا الأمر له منعكسات كبيرة لأن المستورد لا يعرف ما الكلفة الحقيقية بسبب ارتفاع أسعار النفط والتخبط العالمي، لافتاً إلى أنه حتى احتياجات المواطنين اليوم تغيرت حيث يلجأ البعض إلى شراء أكثر من احتياجاتهم ما يؤثر على عملية الإنتاج وتوريد المنتجات إلى الأسواق ويؤثر على المخزون الإستراتيجي، وأضاف: وكل هذه الأمور لها تأثيرها.

وأشار الحلاق إلى أن القوة الشرائية بالنسبة لقطاع الأعمال هي التي تتحكم بعدة أمور ما يتطلب البيع بسعر التكلفة، مضيفاً: وهذا غير ممكن قبل أن نعرف ما السعر التعويضي للسلعة وهو أمر مهم وأساسي.

احد المستوردين أكد أن السيارة الشاحنة اليوم من المرفأ تحتاج ما يقرب من 350 ليتر مازوت وهذه الكمية تلعب دوراً في زيادة التكاليف والأسعار وخاصة أن سعر الليتر اليوم يصل إلى نحو 5 آلاف ليرة إضافة إلى أجرة السائق ومصروف واستهلاك السيارة وغيرها وأجرة السيارة الشحن، موضحاً أن أجرة الشحن اليوم ضمن المحافظات تتراوح بين 2 و2.2 مليون ليرة، علماً أن وزارة حماية المستهلك على حساباتها يجب ألا يتجاوز تكلفة نقل السيارة الشاحنة ما بين 700 إلى 800 ألف ليرة… وهذا بالتأكيد مخالف للتسعير.. وبحسبة بسيطة نجد أن 350 ليتر مازوت إذا كان سعر الليتر 5 آلاف سعرها 1.750 ليرة وذلك نظراً لوجد شح بالمادة حالياً نتيجة البرد حيث أصبح هناك ضغط على المحروقات، ورأى أنه وعندما تنتهي موجة البرد سوف توجه المحروقات باتجاه الصناعة وسيارات النقل وغيرها.

وبالعودة إلى الحلاق وسؤاله عن ارتفاع أجور التأمين قال: نحن كتجار لم نتأثر بارتفاع كلف التأمين لأن التأمين لا يتجاوز 1 إلى 2 بالمئة لكن التأمين ارتفع على الشركات الكبيرة التي بدورها قامت برفع الأسعار علينا كمستوردين، وخاصة أن نسب التأمين حول أعمال الشغب أو الحروب أو الظروف الاستثنائية كبيرة ولا يوجد نسبة معينة لارتفاعها لكن هذا كان له تأثير على السلع والمنتجات.

بدوره الباحث الاقتصادي الدكتور شفيق عربش أكد أن الحكومة يومياً تتحدث عن ارتفاع الأسعار ودائماً تتحدث عن إجراءات يجب أن تتخذها للحد من فلتان الأسواق لكن الحكومة بالواقع ليس لديها إلا التصريحات «الجوفاء» التي لا تؤثر على شيء.

ويرى عربش أن الوضع الاقتصادي وحال الأسواق والكهرباء والنفط وغيرها يؤكد أن الحكومة غائبة وأنها لا تأخذ أي إجراء رادع للأسعار بل على العكس هناك بعض الإجراءات تقوم بها تسهم في رفع الأسعار.

عربش وصف خطاب الحكومة بالمكرر الذي «لا يقدم ولا يؤخر» بالتصريحات نفسها وبالعبارات نفسها التي تؤكد فيها أن أولويات عملها مصلحة المواطن وهناك ضبوط ومخالفات وغيرها من العبارات ومع ذلك يبقى الواقع أن «الأسعار طايرة مثل النار».

ولفت عربش إلى أن معظم المحلات لا تعلن عن أسعار، متسائلاً أين الحكومة من هذا الوضع وهي تقول بتكرار إنها تريد تطبيق المرسوم /8/ الخاص بحماية المستهلك على أرض الواقع إلا أنه لم يطبق شيء وما طبق من المرسوم /8/ أدى إلى المزيد من الفساد!

عربش أكد أن الإجراءات الإدارية المدروسة وغير المدروسة لا تستطيع أن توقف القوانين الاقتصادية وأن تأخذ مفعولها، وأضاف: النقطة الأهم أنه لا نستطيع أن نعالج مشكلة مستقبلية بعقلية الماضي وهذا ما يحدث لنا اليوم..مازلنا نعيش بالأوهام ونعمل وكأننا في نهاية التسعينيات.

عربش رأى أن الحكومة وأداءها «ركيك ويفتقر إلى الكفاءات»، قائلاً: نحن بحاجة إلى حكومة قادرة على اتخاذ قرارات جريئة والابتعاد عن تقاذف المسؤولية..مؤكداً عندما كان مطلوباً من الحكومة أن تشرح «صمتت» وعندما كان من المفروض أن تصمت خلقت تصريحاتها أزمات، فهي من دفعت بالمواطن لشراء كميات من المواد الغذائية زيادة عن حاجته بفعل بعض التصريحات التي بررت ارتفاع الأسعار.

وتساءل عربش كيف نكون مستعدين لاستيراد القمح مثلاً بالأسعار العالمية إضافة لتأمينه بطرق مختلفة عبر وكلاء لهم عمولتهم، ما يعني أن سعر طن القمح يصل إلى حد 350 دولاراً تقريباً على حين لا تستطيع أن تقدم للفلاح أسعاراً ودعماً موازياً لمحصول القمح.

وأشار عربش إلى أن تداعيات الأزمة الأوكرانية أسهمت بالفعل في ارتفاع أسعار النفط والغاز، فضلاً عن أن روسيا وأوكرانيا تصدران أكثر من ثلث الحبوب المصدرة إلى العالم، وهذا له تأثير على جميع دول العالم وقد تختلف درجة التأثير من دولة لأخرى.

ورأى عربش أن الآثار الحقيقية لأزمة أوكرانيا والحرب لم تظهر حتى الآن، ومنظمة الفاو حذرت من أزمة مجاعة عالمية..مشيراً إلى أنه على الحكومة أن تقوم باتخاذ إجراءاتها كدولة وبسرية كاملة، طالباً من الوزراء أن يصمتوا ويكفوا عن التصريحات لأن المواطن اليوم يعي كل شيء من وسائل التواصل الاجتماعي، ومعتبراً أن تصريحات ضبط سعر الصرف وغيرها لم تجد نفعاً في تخفيض الأسعار.

الوطن

شارك