تجارة العقارات.. ركود.. ومن يبيع هو المضطر ومن يشتري عدد من المغتربين فقط … مكاتب عقارية: متوقفة وما عادت كالسابق بسبب قانون البيوع العقارية وطلب أسعار خيالية

تختلف الآراء حول تجارة المنازل في الوقت الحالي، فالبعض يراها تجارة ناجحة، معللاً رأيه بأن شراء أي منزل في أي مكان والانتظار عدة أشهر سيعود على صاحب العقار بربح بالملايين، والبعض يرى أن انخفاض العملة الجائز حدوثه خلال هذه الفترة أن ازدياد التضخم، سيجعل الربح مجرد رقم وهمي.

«الوطن» جالت على عدة مكاتب عقارية، أجمع كل من فيها على أن تجارة المنازل والعقارات حالياً راكدة وما عادت مربحة كما السابق.

مجد أحد أصحاب المكاتب العقارية في جرمانا، قال: إن الإجراءات التي تم اتخاذها بالنسبة لعمليات البيع والشراء (قانون البيوع العقارية) أثرت على سوق العقارات بشكل كبير، وذلك بسبب شروط التحويلات المالية والبنكية والموافقات الأمنية واللجان التي تم تشكيلها لحساب السعر الرائج للمنازل في كل منطقة، والتي ظلمت أبنية على حساب أخرى فيما يخص موضوع الضرائب، مشيراً إلى أن عمليات البيع حالياً اضطرارية أكثر من أن تكون بغرض التجارة، متابعاً: «كما تأثر هذا السوق بسبب عزوف بعض المغتربين عن الشراء نهائياً إذ يقوم بمقارنة الأسعار ببلاد الاغتراب فيجد أن السعر ذاته ويفضل الشراء في الخارج، ناهيك عن الارتفاع الكبير لمواد الإكساء والبناء حيث وصلت تكاليف الإكساء الجيّد للمتر مربع الواحد إلى 600 ألف ليرة». مضيفاً بأن أسعار العقارات منذ بداية العام الحالي وحتى اليوم لم ترتفع أكثر من 5 بالمئة، لافتاً إلى أنه في عامي 2020 و2021 أي بعد تفشي وباء فيروس كورونا ارتفعت الأسعار إلى نحو 50 بالمئة، وكانت تجارة العقارات مزدهرة في السابق، ولكن – وإضافة إلى صدور قانون البيوع – تسبّب دخول الكثير من الأشخاص إلى هذا السوق وقيامهم بطلب أسعار وأرباح خيالية تأثر هذا السوق سلباً.

وحول متوسط الأسعار، كشف صاحب المكتب أن سعر أي منزل بأسوأ منطقة في جرمانا يتجاوز الـ 100 مليون ليرة، أما المناطق الجيدة فيتراوح سعر المنزل فيها بين 300 – 600 مليون ليرة، وينخفض السعر إلى نحو 60 مليون ليرة في المناطق المحررة بالغوطة.

من جهته، الخبير الهندسي الدكتور محمد الجلالي أوضح في تصريح لـ«الوطن» أن تجارة المنازل اليوم تعاني من حالة ركود وذلك بسبب انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية وتغيرها بشكل دائم، مضيفاً: «أما من يلجأ اليوم إلى بيع منزله للتجارة فيه واستئجار منزل آخر للسكن فهو يقوم بذلك لأن أسعار العقارات تعتبر مرتفعة مقارنة بالدخل، لذلك يبقى الإيجار مقارنة بالتملك أقل كلفة استثمارية، وبالتالي من الممكن أن يحقق الشخص قيمة مضافة من خلال بيع وشراء المنازل».

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات أمر طبيعي وخاصة أمام التضخم الجامح وغير الواضح الذي تعيشه البلاد، معتبراً أن ارتفاع أسعارها أقل من الارتفاع في معدلات التضخم، وإذا تم مقارنة أسعارها بمؤشر أسعار المستهلكين؛ أي ارتفاع المستوى العام للأسعار مقارنة بما قبل الأزمة، نرى أن أسعار العقارات انخفضت، والمشكلة تكمن في تراجع الدخل، موضحاً: «وبذلك نحن لا نستطيع تحديد فيما إذا كانت تجارة المنازل تربح بالفعل أم لا، لأن علم الاقتصاد يفرّق بين الربح المالي (المحاسبي) الذي يساوي الإيرادات مطروحاً منها المصاريف، والربح الاقتصادي الذي يساوي الإيرادات مطروحاً منها المصاريف مطروح منها أيضاً تكلفة الفرصة البديلة بمعنى العائد الذي كانت ستحققه هذه الأموال لو تم استثمارها في مكان آخر أي إن هذه المشاريع قد تكون رابحة مالياً ولكن مقارنة ببدائل أخرى فهي لم تحقق ربحاً اقتصادياً وهو الربح الأهم بالنسبة للاقتصاد».

وفي هذا السياق، بيّن الجلالي أن أسعار العقارات اليوم في حالة ركود وتكاد تكون أقل من التكاليف لعدم وجود طلب ودخل جيّد على الرغم من وفرة العرض في السوق، مضيفاً: «وإذا قسنا ارتفاع الأسعار وفق تغيرات أجور التكسي على سبيل المثال، تبلغ اليوم أجرة التكسي من منطقة التضامن إلى وسط العاصمة 10 آلاف ليرة، في حين كانت قبل الأزمة 25 ليرة، أما المنزل في نفس المنطقة الذي يبلغ سعره 50 مليون ليرة فكان سعره قبل الأزمة مليون ليرة، أي إن المنازل ارتفع سعرها 50 مرة فقط في حين التكاسي ارتفع سعرها 400 مرة».

وأشار إلى أن سعر المتر في العاصمة يصل إلى 20 مليون ليرة، أي إن سعر الشقة التي تبلغ مساحتها 100 متر في منطقة كفرسوسة يتراوح بين 2-3 مليارات ليرة وهذا ليس رقماً كبيراً، أما سعر ذات الشقة في ضاحية قدسيا فيصل إلى 500 مليون ليرة أي إن سعر المتر الواحد يبلغ 5 ملايين ليرة.

شارك