خيارات “قاسية” أحلاها مرّ يضعها رئيس الحكومة بمتناول العمال.. عرنوس: اخترنا الرغيف قبل النفط، والمنحة أفضل من الزيادة

من بوابة الإمكانات المتاحة و”ضيق الحال”، بدأ رئيس الحكومة المهندس حسين عرنوس حديثه في المجلس العام لاتحاد العمال باستعراضٍ مباشر و”على بساط أحمدي” للضغوط الناجمة عن ضعف الموارد، وتزايد الأعباء، والمشقات في تأمين المواد الأساسية من نفط وقمح، والتي أصبحت هي الأخرى بين كفتي ميزان لترجح إحداهما على الثانية، حيث وضع عرنوس تساؤلات عدة بين يدي العمال لتحديد الأولويات، من بينها: “هل نعيش غصة بالنفط أم برغيف الخبز؟ وهل نختار الحماية الترددية أم التعتيم العام؟ ليكون الميل إلى الخيار “الأقل قسوة”.

تيسير حال

رئيس الحكومة اعتبر أن ما تم إنجازه في العامين الأخيرين مقبول نظراً للمتوفر، وأن الموجود والذي يتم تأمينه من القمح والنفط بالحدود المقبولة، وذلك رغم الصعوبات والتكاليف الكبيرة بتأمينها، حيث يتم “تيسير الحال” بناقلتي نفط عبر الخط الإئتماني وجزء بسيط جداً “500 ألف طن” على الخط التجاري، وهذا الرقم لا يمثل الحاجة على الإطلاق، بينما ومن جهة أخرى تم تأمين 525 ألف طن من القمح محلياً، علماً أن حاجة البلاد 2.2 مليون طن، لذلك كان الخيار “القاسي” الذي اتخذ هو بإعطاء القمح أولوية على النفط خلال هذه الفترة، إذ تم توقيع عقد لاستيراد 600 ألف طن، سيليه عقود أخرى لتأمين الحاجة.

الواردات لتحسين الوضع المعيشي

وأشار المهندس عرنوس إلى دراسة كل الخيارات المتاحة لتحسين الوضع المعيشي، والتي أفضت إلى أن نظام الحوافز وتوزيع الأرباح هو الأفضل، إضافة للمنحة كل فترة، والتي أثبتت أنها أفضل من زيادة الراتب، فهي تكون بلا حسومات وضرائب، كما أن أي حديث عن زيادة سيسارع السوق لامتصاصها خلافاً للمنحة، وبيّن عرنوس أنه من المتوقع أن تكون موازنة 2023 حوالي 15 ألف مليار ليرة، رغم أن الضغوط من كل الوزارات تجنح لتكون 20 ألف مليار، لكن هذا لا يمكن تحقيقه أبداً لأنه سيستنزف الخزينة بشكل خطير.

فكل الإجراءات – أضاف عرنوس – التي يتم تطبيقها لتحسين الإيرادات وصلت لـ 6500 مليار، والمتوقع 7000 مليار، أي أن نسبة العجز لا تزال 50%، فيما يشكل بند الرواتب 4400 مليار ليرة، موضحاً أن جهتين فقط تكون موازنتهما مفتوحة وهما الزراعة والصناعة، أما عجز الموازنة وحديث وزير المالية “ما عم نرد عليه”، فكل وارد يتم تحويله لتحسين الواقع المعيشي وليس لتخفيض العجز، مبيناً أن المنحة الأخيرة قدرت بـ 225 مليار ليرة وتحتاج لشهرين ونصف من عائدات زيادة البنزين التي تمت لتعويضها.

8 مليون دولار تكلفة الاعتداء الأخير

وفي قطاع الكهرباء، بيّن عرنوس أن جميع المحطات انخفضت طاقتها في المرتفع الجوي، وزاد الوضع سوءاً لأننا أساساً نعيش بالحد الأدنى من الطاقة، فعملياً إذا تمت تنحية القطاعات الحيوية والصناعية فإن كل محافظة تتزود على أرض الواقع بـ 30 م. و فقط، مشيراً إلى متابعة عقد التشاركية بمحطة دير علي مع شركة وطنية حيث سيتم إقرار عدة بنود خلال الاجتماع المقبل للجنة التشاركية، كما ستنتج محطة الرستين قبل نهاية العام 183 م.و، وكذلك محطة حلب دخلت بالخدمة وسيتم تشغيل المجموعة الثانية بنهاية العام لتنتج 202 م.و، معتبراً أن عودة حقل نفط واحد من المناطق خارج السيطرة سيكون كفيلاً بتغيير المعادلة، فيما لفت رئيس الحكومة إلى أن تكاليف الحرب المباشرة لازالت مستمرة، فالاعتداء الأخير على مطاري حلب ودمشق كلّف 4 مليون دولار لمحطات الرادار في كل موقع.

كلنا السبب!

وحول المسابقة المركزية وآليات التوظيف، أوضح المهندس عرنوس أن الفلتان السابق بالتعيين الإداري ترك آثاراً كبيرة على بنية الوظيفة العامة و”كلنا سبب فيها”، أما القطاع الصحي فيرصد له مبالغ كبيرة ومن الطبيعي وجود بعض النقص نظراً للتكاليف الهائلة، فيما أعفيت مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي من أي رسوم لدعم الإنتاج، مشيراً إلى الصعوبات والتضييق الكبير على استيراد السماد الذي طال كلا القطاعين العام والخاص.

وحول القبول في الجامعات، فقد لمس رئيس الحكومة ارتياح الطلاب لزيادة نسبة القبول في التعليم الموازي، مشيراً إلى أهمية منح 1000 فرصة للقطاع الطبي خارج المعتاد لترميم النقص الحاصل، حيث سيتم استقطاب 500 طالب حاصل على الشهادة الثانوية ولم يتح لهم علامات “الطب”، و10% من المعاهد الطبية، و10% من كليات لتمريض، إضافة لاستقطاب قسم من خريجي الدراسات العليا هذا العام لتغطية الاحتياج.

تحفيز وتشجيع !

بدورهم الوزراء الحاضرين والمعنيين بالهم المعيشي والعمالي، فقد كان لكل منهم مداخلته التي أجابت على التساؤلات حيناً، وسلّمت للأمر الواقع حيناً آخر، ففيما وضع البعض أصبعهم على الجرح، اتجه آخرون للتسويف عبر وعود بتشكيل لجان عامة وفرعية ملّ ممثلو العمال من كثرتها وتعدادها بعد أن أثبتت عدم جدواها في مواقف عدة.

وزيرة التنمية الإدارية سلام سفاف اعتبرت أن رفع سن التقاعد للأساتذة الجامعيين لـ75 سنة شكل بداية المرونة بتعديل سن التقاعد عموماً، فهي فكرة إيجابية تحتاج وضع محددات سواء لرفع السن أو خفضه حسب طبيعة الظروف، مشيرة إلى أن الحكومة جهزت مراسيم الحوافز وميزت الشرائح الإنتاجية، وأضيف عليها عاملي الاتصالات، وتم فتح سقف الحوافز بضوابط محددة، فضلاً عن استهداف العمالة الإدارية والتي قد تصل حوافزها لـ250% من الراتب الحالي، كما أضيفت علاوة تشجيعية لكل العاملين بمعدل راتب ونصف كل ربعية وفق تقييم الأداء.

الهدف من تلك الإجراءات –بحسب سفاف- ربط الأجر بالإنتاج، فمنح تعويض معيشي للجميع لن يحفز أحد وسيشكل عبئاً على الموازنة، كاشفةً أن المراسيم ستصدر مع بداية الشهر القادم.

حل سيرضي الجميع

وصارحت سفاف العمال أنه لم يتم حتى الآن أية إجراء بما يتعلق بطبيعة العمل، حيث كانت الأولوية للحوافز، علماً أن طبيعة العمل يجب أن تتركز على المهن حسب ندرتها وصعوبتها، أما بالنسبة للمياومين وتثبيتهم، فرأت سفاف أن التثبيت قد يخل بمسارات ووظائف العمل ببعض الجهات التي تتعاقد لفترات مؤقتة كوزارة الزراعة مثلاً، إذ يمكن أن يضر بمصلحة المياوم والجهة العامة، ليقاطعها رئيس الحكومة موضحاً أن تساؤلات العمال تتمحور حول المياوم العامل بشكل دائم وعلى مدار سنوات وليس العقود المؤقتة الإنتاجية، حيث أجابت سفاف أنه يتم دراسة علاج آخر للعقود السنوية والمياومين يراعي حقوق العمال لاسيما ممن مضى سنوات على تعاقدهم، وينظر بالحق في التسلسل والترقي الوظيفي لهم، واعدة بأن الحل سيرضي الجميع.

سد عجز وليس مورد 

بدوره وزير المالية كنان ياغي بيّن أن ما أضيف لبند الرواتب والأجور هذا العام بلغ 1556 مليار ليرة، ورداً على التساؤلات حول العائد من رفع أسعار المشتقات النفطية، ردّ ياغي بأن الزيادة جاءت لسد عجز وليس كموارد جديدة، فعجز شركة محروقات بمفردها 8000 مليار قبل آخر تعديل، وبعد زيادة الأسعار أصبح 6500 مليار، مضيفاً أنه وفي القطاع الصحي فقد خصص بالموازنة 750 مليار ليرة أضيف لها حتى الآن 55 مليار، أما حول تأمين خطوط الإنتاج لبعض المعامل رأى ياغي أن ما يعيب الإنفاق الاستثماري بسورية غياب الأثر المباشر للقيمة المضافة، فتشغيل أي خط إنتاج ينعكس إيجاباً “ولا نقصر مع المؤسسات” علماً أن القطاع الاقتصادي يمول ذاتياً أو بقروض.

وكشف ياغي عن تجهيز المرسوم لرفع الحد الأدنى من الضريبة لـ92 ألف ليرة، إضافة لتخفيض الضرائب لقطاع الأعمال، وإعفاء متممات الرواتب فكانت الضريبة على الحوافز 10% أصبحت 5%، وحول تساؤلات البعض عن قطاع الدواجن وواقع العمالة بالمؤسسة أوضح ياغي أنه تم عرض خطة لإحياء القطاع تتطلب 8 مليار ليرة.

لن نعرضكم لمخاطرات!

وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم حسم الاعتراضات على الأفران العاملة بنظام الإشراف، بأنه لا يمكن التخلي عنها حالياً رغم أنها ليست أفضل الحلول، فلا يوجد ملاك ولا موازنات كافية لاستبدالها، مبيناً أنه بالنسبة للمقنن التمويني فلم يطرأ أي تعديل، وتأخرت الدورة الحالية لعدم توفر المواد، مؤكداً وجود عدد كبير من المستوردين في الجداول أي لا يوجد احتكار لأية مادة، أما بالنسبة لغياب الزيت عن البطاقة فذلك بسبب نقص الكميات الموردة، موضحاً أن شركات النقل البحري ترفض الشحن لسورية بسبب العقوبات مما يؤخر وصول المواد ويرفع تكاليفها.

وأضاف سالم: “لا نريد تعريض المواطن لمخاطرات نتيجة التهور بالتعامل بالقطع”، فالتمويل يتم وفق أولويات وكميات، وليس وفق أشخاص، وسبب ارتفاع سعر الصرف مؤخراً هو المبالغ الكبيرة التي رصدت لشراء القمح وزادت من نسبة السيولة بالسوق.

توحيد الرؤية

وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبد اللطيف أشار إلى إعادة النظر بأسعار التخمين للشقق السكنية للعمال، ودراسة لتوحيد الرؤية حول مراكز التدريب المهني في الوزارات، وحول نقص الآليات بيّن أنه تم سابقاً توقيع عقد مع شركة روسية لتوريد الآليات، إلا أنها توقفت منذ فترة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، فيما يتم دراسة توريد آليات من بيلاروسيا حالياً.

نسب التقاسم قبل الاستثمار! 

فيما استعرض وزير الصناعة زياد صباغ واقع معظم الشركات الصناعية، لافتاً إلى تحضير دراسة وطنية لتطوير قطاع الاسمنت، وإبرام عقد مع شركة وطنية لتأهيل معمل اسمنت بحلب، ومباحثات مع شركة أخرى بالتعاون مع دولة صديقة لإنشاء معمل آخر بحلب، كاشفاً أن التواصل مع المستثمرين لا يتم بشكله الصحيح حيث تستبق اللجان الإدارية النقاش مع المستثمر للتفاوض معه على نسب التقاسم، وهو أمر يفترض أن يتم بمرحلة لاحقة.

وكشف صباغ عن عروض مقدمة لاستثمار معمل الخزف والإطارات، إضافة لوعود من الجانب الروسي لتأمين نول لمعمل سجاد السويداء بقيمة 50 مليون دولار، فيما اكتفى وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين بالإشارة لدراسة تشميل عمال العتالة بالتأمين الشامل وتشكيل لجان لمتابعة ما طرح من مواضيع.

البعث

شارك