رفع أسعار صرف الدولار.. بين الحد من المضاربة وهاجس ارتفاع أسعار المستوردات

سرعان ما تملكت الهواجس السوريين بعد رفع مصرف سورية المركزي أسعار صرف الدولار مقابل الليرة السورية، من 2814 إلى 3015 ل. س لسعر الصرف الوسطي، وسعر صرف الحوالات من 2800 إلى 3000 ل. س وسعر دولار البدلات إلى 2800 بعد ما كان 2525 ليرة سورية، وانعكاس ذلك على رفع الأسعار بالدرجة الأولى، في ظل تدني القوة الشرائية واستمرار ارتفاع معدلات التضخم، ليغدو الترقب الحذر لما ستغدو عليه الأسواق خلال الساعات التالية لقرار المركزي سيّد الموقف!

للإضاءة على تداعيات هذا القرار وتأثيراته ومدى ضرورته في هذه المرحلة، تواصلت “البعث” مع المصرفي الدكتور علي محمد الذي أشار إلى أن القرار يحتوي في طياته على إيجابيات وسلبيات، فالأولى تكمن بتوحيد أو تقريب السعر الرسمي لصرف الليرة من سعره في السوق الموازية، ما يساهم بالنتيجة بتوحيد الأسعار وإغلاق باب للمتاجرة بالقطع أو المضاربة به، لكن هذا الأمر – بحسب محمد – مشروط بالضرورة بتعزيز قدرة مصرف سورية المركزي على ضبط إيقاع السوق وعدم السماح للسعر في السوق الموازية بالتدهور مجدداً.

ومن إيجابيات هذا القرار أيضاً، بيّن محمد أن قرار تخفيض سعر صرف الليرة أمام الدولار للحوالات لتصبح 3000 ليرة سورية من شأنه زيادة استقطاب الحوالات الخارجية للبلد، مع العلم بعدم وجود تقدير رسمي وصحيح لحجم الحوالات سواء من المصرف المركزي أو من شركات الصرافة، حيث تقول بعض التقديرات: إن الوسطي منها على مدار العام حوالى 7 مليون دولار يومياً.

وفي سياق الحديث عن تأثير هذا القرار على الاقتصاد السوري، أوضح محمد أن  أية دولة تسعى بالضرورة إلى زيادة مداخيلها بالقطع الأجنبي وتعزيز الاحتياطي منه لديها، والحوالات تعدّ من أسباب تعزيز الاحتياطي بلا شك، ولكن هذا يتطلب ضخاً مقابلاً بالليرات السورية في السوق، وهذا يعني بلغة الاقتصاد زيادة في العرض النقدي، إلا أن الهدف المتوقع الآن هو زيادة المداخيل بالقطع بغض النظر عن بعض التأثيرات الأخرى التي بنفس الوقت يتوجب دراستها، وبالأخص دراسة حاجة السوق المحلي من العرض النقدي بحيث يتم التوازن بين العرض النقدي والسلعي، حيث إن اجمالي مبلغ الحوالات الواردة قد يبلغ 2.5 مليار دولار سنوياً، وهذا بحد ذاته يعادل 57٪ من قيمة مستوردات سورية للعام 2021 البالغة 4 مليار يورو.

أما الانعكاس السلبي لقرار تخفيض سعر صرف الليرة فسيكون – حسب محمد – بصدور النشرة الخاصة بالجمارك والطيران والتي عادة تعدل مع أي تغيير في سعر صرف الليرة ضمن نشرة وسطي نشرة المصارف ونشرة سعر صرف الحوالات، فهذا يعني ارتفاعاً في قيمة (قيمة وليس نسبة) الرسوم الجمركية التي تدفع على المستوردات بنحو 7٪، ما قد يعني ارتفاعاً نوعاً ما في أسعار السلع المستوردة في السوق المحلية لكون المستورد سيرفع قيمة بضائعه لتغطية الارتفاع الحاصل في قيمة الرسوم الجمركية، وهذا الاحتمال يبقى مجرد توقع إن لم يخالفه قرار ما بتخفيض نسبة الرسوم الجمركية مثلاً أو إبقاؤها على حالها، وعطفاً على ذلك ففي حال تعديل نشرة الجمارك والطيران، فذلك يعني أيضاً ارتفاعاً في أسعار تذاكر الطيران وفقا للسعر الجديد!

شارك