تجميد الأموال في أي مصرف من دون توظيفها يؤدي الى خسائر تلك المصارف نتيجة أنها أموال مودعة يتقاضى عليها أصحابها فوائد، فكيف تعاملت مصارفنا خلال فترة الحرب مع الأموال المودعة؟ وهل تم تشغيلها؟ وهل كان عدم التوظيف ناتجاً عن الخوف من المخاطرة خاصة أن هناك مصارف استمرت بالإقراض؟
لا عمل مصرفياً بلا مخاطر
ولعل مصرف التوفير من المصارف التي استمرت بالإقراض خلال سنوات الحرب، فماذا كانت النتائج ؟
معاون مدير مصرف التوفير وائل محمد أوضح أنه لايوجد عمل مصرفي من دون مخاطر، مشيراً إلى أن خصوصية عمل مصرف التوفير لجهة تركيزه على منح قروض ذوي الدخل المحدود (مدنيين ومتقاعدين وعسكريين ) كان له دور في التخفيف من المخاطر المتوقع التعرض لها الى حد كبير باعتبار أن هذه القروض متدنية المخاطر عموماً كونها تمنح بكفالة راتب المقترض إضافة لراتب الكفلاء، مبيناً أن المصرف أدى الدور الاجتماعي والتنموي المطلوب لجهة منح قروض ذوي الدخل المحدود خلال الفترة الماضية ونرى أنها حققت الإضافة اللازمة على صعيد المصرف لكون منح القروض من الخدمات الأساسية لعمل المصرف وقناة هامة لتوظيف أمواله كذلك على صعيد المقترضين نجد أنه كان لها دور بتحسين مستوى ونوعية حياة الفئة المستفيدة منها وتلبية بعض حاجاتها بدليل الإقبال المستمر على القروض.
وبين محمد أن المنتجات الجديدة التي أطلقها المصرف العام الماضي 2022 جاءت انطلاقاً من رؤية المصرف بضرورة التوجه نحو الشمولية وتنويع المحفظة الائتمانية وجميعها تمت بناء على دراسة وحاجة السوق والتوافق مع التوجهات الحكومية لاسيما دعم تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبالتالي حققت الإضافة اللازمة منها حكماً وتتركز معوقات الإقراض بارتفاع تكلفة التمويل لاسيما إثر صدور قرار مجلس النقد والتسليف رقم 68/م ن لعام 2022 وصعوبة تأمين الضمانات ونعمل على معالجة هذه الصعوبات من خلال تفعيل برامج دعم الفائدة من قبل الجهات المعنية وتفعيل عمل مؤسسة ضمان مخاطر القروض وضمان بوليصة التأمين من قبل المؤسسة العامة السورية للتأمين التي تم العمل بها مؤخراً.
تداعيات الحرب على المصرف
وأشار الى أن تحديد الفوائد المدينة على الودائع وفقاً لقرارات مجلس النقد والتسليف ووفقاً لاختصاصه قانوناً موضحاً أن الأزمة والحرب كان لهما تداعياتهما وأثرهما في المصرف والقطاع المصرفي ولاسيما أن القطاع المالي من أكثر القطاعات تأثراً بالأزمات.
و تم رفع سقف قروض ذوي الدخل المحدود بداية العام لـ /10/ ملايين ليرة ووفق خطة المصرف للعام 2023 في متابعة تقديم المنتجات والخدمات التي تم إطلاقها العام الماضي بالشكل الأمثل أهمها قروض ذوي الدخل المحدود بضمانة بوليصة التأمين وقروض دعم الطاقة المتجددة وقروض السلع المعمرة بالاتفاق مع المؤسسة السورية للتجارة .
لتأمين التمويل اللازم
من جهته معاون مدير عام المصرف التسليف الشعبي عدنان حسن أوضح أن المصرف لم يستمر بمنح القروض خلال فترة الأزمة فقد توقف عن الإقراض منذ شهر 4/2011 يأتي ذلك لتأمين التمويل اللازم لتشغيل الفعاليات وتمكين أصحابها من زيادة الإنتاج وتحقيق قيمة مضافة، لافتاً الى أنه يمكن أن تساهم هذه القروض بزيادة في الإنتاج في حال تم استثمارها بالشكل الأمثل وبالوقت المناسب وبالتالي تكون مجدية.
وأوضح أن هناك صعوبات في تأمين الضمانات المطلوبة وارتفاع تكاليف الإقراض والتغيرات المتسارعة للأسعار وتأخر الحصول على التراخيص، مبيناً أنه رغم هذه الصعوبات هناك إقبال على الحصول على القروض الشخصية أما القروض الإنتاجية فهي ضعيفة حالياً.
خطأ التوقف عن الإقراض
من جهته الأستاذ في جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية أوضح أنه كان من الخطأ إيقاف الإقراض إيقافاً تاماً .. بل كان يجب أن يستمر في مجمل الأحوال بشروط وتعليمات وضوابط تتناسب مع ظروف الواقع.
لا شك في أن ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية والتضخم والغلاء (وإيقاف الإقراض وشلل القطاع المصرفي) دفع الكثير من المودعين الى سحب أموالهم و إعراض الكثير من أصحاب المدخرات عن إيداعها، وحتى أن المصارف لم تكن ترغب بقبول الإيداعات لأنها ستخسر الفوائد التي تمنحها كونها ممنوعة من تشغيلها وإقراضها في تلك الفترة.
وقال الدكتور فضلية : كل هذه الأسباب والعوامل أدت إلى عقم القطاع المالي طوال فترة منع الإقراض، الأمر الذي أدى بدوره إلى ضعف التمويل الاستثماري والتشغيلي وخاصة في تلك الفترة التي توجب فيها إعادة ترميم وتمويل أعداد كبيرة من المنشآت المتعثرة والمهدمة والمسروقة .. لذلك وكنتيجة وقع الكثير من المقترضين من أصحاب الفعاليات الاقتصادية في فخ ومصيدة التعثر بالتسديد إلى أن وصل حجم القروض المتعثرة في المصارف الحكومية فقط إلى حوالي ٣٠٠ مليار ل س .. الأمر الذي تطلب استصدار تشريعات تسوية مصرفية لتبدأ التسويات (والإقراض) في عام (٢٠١٥) وما بعد ..وبالتالي كان الوجه الآخر للحراك المالي وإبطاء عجلة الإنتاج وخاصة الصناعي والأنشطة الاقتصادية الأخرى.
الثورة