هل تراجعت «التموين» عن تعميم تحرير الأسعار؟! … مصدر في «التموين» : ليس هناك تحرير للأسعار بل إلغاء للنشرات السعرية من قبل الوزارة

أثار تعميم وزير التجارة الداخلية الذي صدر منتصف الشهر الماضي بشأن متابعة الإعلان عن الأسعار في الأسواق وفق الفواتير التداولية التي تحرر من المنتجين والمستوردين وتجار الجملة واعتماد فواتيرهم أساساً في تحديد مبيع المستهلك وفق نسب الأرباح المحددة حالة من الجدل في الأوساط التجارية والاقتصادية فالتاجر والصناعي ظن عند صدور التعميم أنه بمثابة إعطاء حرية لتحرير الأسعار في حين أن الوزارة مصرة على أنه ليس كذلك.

وللتوضيح، نفى مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن يكون هذا التعميم بمضمونه عبارة عن تحرير أسعار ويعطي الحرية للمنتج والمستورد وتاجر الجملة بتحديد سعر المبيع من دون الرجوع للوزارة، إنما هو عبارة عن ضبط للسوق، مبيناً أن الهدف من إصدار التعميم متابعة الفواتير الحقيقية في السوق وخصوصاً أن التسعير أصبح يومياً نتيجة حدوث تبدلات يومية في سعر الصرف وغيره.

وأضاف: إن المنتج والمستورد لغاية تاريخه يقدم بيان تكلفة للوزارة ولم يتم إلغاء هذا الأمر بعد صدور التعميم، موضحاً أنه قبل صدور التعميم كان المنتج والمستورد ينتظران صدور التسعيرة الأسبوعية أو النصف شهرية أو الشهرية من الوزارة، أما بعد صدور التعميم فأصبح يسعر مواده بنفسه بشكل يومي بناء على بيان التكلفة وتم إلغاء صدور النشرات السعرية من الوزارة.

ولفت إلى أن القانون رقم 37 الناظم لعمل وزارة التجارة الداخلية ينص على أن الوزارة مسؤولة عن انسياب المواد وعدم فقدانها واحتكارها وليس هناك أي شيء ضمن هذا القانون ينص على مسؤولية الوزارة عن رفع الأسعار أو انخفاضها إذ إن الناس تظن أن الوزارة هي التي ترفع الأسعار وهذا الكلام غير صحيح.

وعن أسباب استمرار الوزارة بإصدار نشرات سعرية دورية للفروج والبيض والخضر والفواكه أشار المصدر إلى أن هذه المواد تعتبر مواد أساسية وتخضع للعرض والطلب لذا لم يتم إلغاء التسعير لهذه المواد في حين أن المواد المستوردة هي التي تسعر بناء على بيان التكلفة.

وختم بالقول: إنه بعد صدور التعميم توافرت المواد بشكل أكبر في السوق وهذا ماتم رصده خلال الجولات على الأسواق وهناك بعض المواد انخفض سعرها بنسبة قليلة بعد توافرها في السوق مثل السكر، رغم أن جولة الوطن أثبتت أن السكر قد ارتفع سعره.

بدوره بيّن عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أن كل العاملين في القطاع التجاري والاقتصادي قرؤوا وظنوا بأن التعميم الذي صدر هو عبارة عن تحرير أسعار لكن كان للوزارة وجهة نظر أخرى مختلفة.

وأضاف: إنه عند صدور التعميم أصبح التاجر يبيع وهو مرتاح ويغطي مصاريفه وأعباءه المدفوعة لكن تبين أن هناك نقصاً في البضائع في السوق وهذا النقص كان له عدة أسباب من ضمنها تأخير تسديد منصة تمويل المستوردات للمستوردين، الأمر الذي أدى إلى اختلال الأسعار في السوق لكن لو كان هناك تنافسية حقيقة كنا سنشهد انخفاضاً كبيراً في الأسعار.

وأوضح بأن المنتج والمستورد وتاجر الجملة يبيع مواده بموجب تكاليف ومعايير معينة بناء على سعر الصرف المتغير وبسبب عدم ثبات سعر الصرف حالياً أصبح التاجر يبيع بناء على السعر المتغير بشكل يومي لسعر الصرف.

ولفت إلى أن سعر الصرف هو عنصر من ضمن عدة عناصر أخرى تدخل ضمن التكاليف وهذه العناصر يوجد ضمنها أشياء متغيرة بشكل كبير وغير ثابتة وتشكل عبئاً على تكلفة المنتجات مثل مصاريف العمل بشكل كامل من تأمين المحروقات والرواتب وأجور المستودعات ومكان ممارسة العمل التجاري وأشياء أخرى ثابتة مثل الرسوم الجمركية والمصاريف التي يدفعها التاجر عند تخليص البضائع.

وأوضح بأن الوزارة قالت للمنتجين والتجار بأن يبيعوا ويحددوا الأسعار بناء على كلفهم مضروبة بسعر الصرف المتغير لكن المشكلة أن سعر الصرف المتغير بشكل يومي أو حتى أكثر من مرة في اليوم غير معروف وليس هناك أي جهة تعرفه بشكل دقيق لذا يلجأ العاملون في القطاع التجاري اليوم من أجل إحداث توازن مابين سعر الصرف المعروف ضمن المنصة وسعر الصرف في السوق الموازي وتوازن بين الكلف والمصاريف والأعباء المرتفعة التي يدفعونها والوزارة تضع نسبة محددة لهذه التكاليف والمصاريف المدفوعة لكن الحقيقة أن هذه النسبة أصبحت أكبر بكثير من النسبة التي حددتها الوزارة وما تضعه مختلف كلياً عن التكاليف الحقيقية على أرض الواقع.

وأكد بأن العاملين في القطاع التجاري دائماً يقولون إن التسعير القسري غير مجد باعتباره يخضع لقانون العرض والطلب والوفرة والتنافسية وبالتالي مهما تم فرض تسعيرة محددة لمنتج ولم يكن هناك إمكانية لبيع المنتج بالسعر المحدد فإن ذلك يخلق سوقاً سوداء نتيجة اختفاء المنتج من السوق وفساد بمكان ما.

هذا ورصدت «الوطن» واقع الأسعار خلال جولة على أسواق دمشق وتبين أنها في ارتفاع يومي ولم تشهد أي انخفاض بعد صدور تعميم الوزارة إذ إن سعر ليتر الزيت النباتي يتراوح بين 19 و20 ألف ليرة وسعر كيلو السكر يتراوح بين 7 و8 آلاف ليرة وسعر كيلو الطحين بحدود 6500 ليرة وسعر كيلو البرغل بـ7 آلاف وسعر كيلو الرز المصري الفرط بـ8 آلاف في حين أن سعر كيلو الرز المغلف من النوع الممتاز بحدود 18 ألف ليرة وعلبة المتة زنة 250 غراماً مازالت تباع في السوق السوداء بسعر غير نظامي يتراوح بين 9500 و10 آلاف ليرة، أما بالنسبة للألبان والأجبان فإن سعر اللبنة البلدية يتراوح بين 18 و20 ألف والجبنة البلدية بين 20 و25 ألفاً والجبنة الشلل بين32 و35 ألف ليرة وكيلو اللبن الرائب بين 4500 و5 آلاف.

وأكد بعض أصحاب محال المفرق أن الأسعار تشهد ارتفاعاً يومياً منذ ما يقرب من الشهرين وتجار الجملة يقومون بشكل يومي برفع مادة أو اثنتين كحد أدنى، مؤكدين أن المواد متوافرة بالسوق وتحسنت عن الفترة السابقة لكن ليس بالشكل الكافي.

الوطن

شارك