قمة الرئيس الأسد في الصين.. مفتاح السياسة وانطلاقة تنموية بالاعتماد على الشراكة والمصالح المشتركة

في الكلام عن زيارة الرئيس الأسد إلى الصين ما يشرح الصدر حيث يفتح اللقاء السوري الصيني أبواب الإعمار والاستثمار والتجارة كما كانت أبواب طريق الحرير مشرعة أمام التعاون الاقتصادي والحضاري وهذا التعاون والتقارب بات منطق العصر ومنطق العقد الأخير وما يليه من عقود.

مبادرة الحزام والطريق شكلت تحولاً استراتيجياً في العلاقات الدولية. وهذه المبادرة التي أطلقتها الصين شكلت تحولاً إستراتيجياً على مستوى العلاقات الدولية في العالم حيث تعتمد على الشراكة والمصالح المشتركة عوضاً عن محاولات الهيمنة التي يتبعها الغرب كما أن الصين كدولة عظمى تحاول أن تعزز نفوذها في العالم بالاعتماد على الأصدقاء والمصالح المشتركة التي تؤدي إلى تحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية لدى كل الدول الموجودة في هذه المبادرة وتعزيز الاستقرار والازدهار في العالم.

أما فيما يتعلق بعملية إعادة الإعمار في سورية فهي ليست حبراً على ورق وقد بدأت وإن كان بشكل بطيء نظراً للتحديات الاقتصادية  ولكنها بحاجة للمزيد من الاستثمارات من الداخل والخارج كي تنطلق بشكلها الواسع وما يأمله الشارع السوري عبر هذه الزيارة  من الشركات الصينية البدء بالبحث عن فرص للاستثمار في السوق السورية التي تتحسن بشكل مطرد ومتسارع أضف الى ذلك  أن الصين تقدم مساعدات في مجال إعادة الإعمار ولكن في الجانب الإنساني وأن سورية بدأت بالحوار مع عدد من الشركات الصينية لتلافي العقوبات من أجل الدخول إلى السوق السورية والمساهمة بعملية إعادة الإعمار. ولعل من أبرز التحديات التي تواجه إعادة الإعمار في سورية التعامل مع الوجود الأمريكي غير الشرعي
فالولايات المتحدة الأمريكية تقوم بسرقة النفط السوري وبيعه .
وتتضمن المساعدات الصينية في مجال إعادة الإعمار في الجانب الإنساني. من حيث تبدأ الحياة بالماء والكهرباء، وهي تدعم في هذا المجال من خلال منح إنسانية نستخدمها في المناطق الأكثر حاجة ولا شك أن المرحلة الأهم والتحدي الأكبر هو إعادة دورة الحياة الاقتصادية في سورية، فما نأمله من الشركات الصينية في هذه الحالة هو البدء بالنظر وبالبحث وبتحري السوق السورية التي تتحسن بشكل مطّرد ومتسارع. لا بد الآن من البدء ببحث فرص الاستثمار، فمن المعروف أن إعادة الإعمار لبلدان دمرتها الحرب جزئياً أو كلياً هي مجال استثماري رابح جداً.. هي ليست فقط عملية قروض أو مساعدات من دون مقابل.. وإنما عملية استثمارية رابحة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى. والحديث مع الشركات الصينية لتلافي العقوبات من أجل الدخول إلى السوق السورية ليس بجديد ، لأن الرغبة موجودة لديها باعتبار أن العملية رابحة، ولكن يبقى هناك تخوفات لدى الشركات الاستثمارية والمستثمرين من تأثير العقوبات عليهم. لكن بالتأكيد توجد صيغ للتعاون للدخول إلى السوق السورية بأمان، وبالتالي المساهمة بعملية إعادة الإعمار في سورية. وهذه المساعدات  هي ليست فقط اقتصاداً.. فعندما نتحدث عن إعادة الإعمار، هذا يعني المساهمة بالاستثمار في سورية وهذه العودة بحاجة لفرص عمل. ومن هنا أهمية المساهمة الصينية
فيما يتعلق بشركات الاستثمار الصينية فهناك تحديان، أولاً: عدم وجود أقنية مالية كافية أو فعّالة الآن بين سورية والصين لعمليات نقل الأموال، وهذه المشكلة حقيقية سببها أو أحد أسبابها الأساسية هو الحصار. ويتم البحث  لإيجاد حل لهذه النقطة، ولا بد أن يكون هذا الحل بين المؤسسات المالية في البلدين، وهذا بحاجة إلى نقاش وحوار على مستوى الدولتين.

النقطة الثانية، هي التخوف الذي كان موجوداً لدى العديد من الشركات الصينية. الآن هناك شركات تُرسل خبراء إلى سورية، وهذا جيد، لأن الكثير من الصناعات في سورية بدأت تتوجه للسوق الصينية، كالمعامل السورية التي تشتري المصانع من الصين.. قبل عدة سنوات  كان هناك تخوّف كبير من هذا الشيء لكنه بدأ يتحسن مؤخراً.. هذه مرحلة جيدة. ولكن عندما نتحدث عن استثمارات صينية برؤوس أموال صينية فهذا بحاجة إلى المزيد من الطمأنة. لا بد من بذل الكثير من الجهود من قبل الحكومة وقطاع الأعمال . ونتوقع أيضاً من الشركات الصينية، من المؤسسات المعنية، كمؤسسة ضمان الاستثمار في الصين، أن تقوم أيضاً بتشجيع المستثمرين للمجيء،
والحكومة السورية تضمن الظروف المناسبة  لكل الشركات الصينية التي يمكن أن تأتي إلى سورية ولا يوجد أي مشكلة في الأمان؟

علاقة ثقافية تؤدي بالمحصلة إلى الازدهار والاستثمار وتحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية

مبادرة الحزام والطريق تحول استراتيجي على مستوى العالم.. تحول في نوع العلاقات الدولية. أي لو نظرنا إلى العالم في الوضع الحالي سنرى أن ما يحكمه هو محاولات هيمنة الغرب عليه، وفي المقدمة الولايات المتحدة.

المرحلة التي سبقتها كانت مرحلة الحرب الباردة، وهي مرحلة صراع بين الدول، وهذا الصراع يعتمد على مدى هيمنة كل قطب فيه، وخاصةً القطب الغربي، على مجموعة دول لكي تحقق مصالحه في مواجهة القطب الآخر. قبلها الحرب العالمية الثانية وما سبقها، كانت مرحلة استعمار كامل.. الدول تحتل، وأينما تحتل هذه الدول فهي تحدد كيف تسير مصالح الشعوب هناك، وغالباً هي لم تكن مصالح مشتركة.. كانت الشعوب مستعبَدة لصالح الدول الأقوى. الآن نرى أن هناك دولة عظمى، هي الصين، تحاول أن تعزز نفوذها في العالم، ولكن أي نوع من النفوذ؟ ليس النفوذ بالمعنى الذي نفكر به، بالمعنى السلبي، بل النفوذ بمعنى الاعتماد على الأصدقاء.. النفوذ بمعنى الاعتماد على المصالح المشتركة. عندما نفكر نحن في سورية بأن
نكون جزءاً من هذا الطريق، فالصين تتعامل معنا بشكل ندّي، وليس كدولة كبرى مع صغرى. هناك مصالح مشتركة.. هناك فائدة للصين ولسورية ولكل الدول التي توجد على هذا الطريق. هناك جانب آخر، هي ليست فقط علاقة الصين مع هذه الدول بشكل ثنائي، وإنما هي علاقة بين كل الدول الموجودة على هذا المحور. فإذاً هي علاقة حضارية.. علاقة ثقافية.. تؤدي بالمحصلة إلى الازدهار واستثمار وتحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية لدى كل هذه الدول الموجودة. هذا يعني المزيد من الاستقرار في العالم، وهو مناقض لكل ما عرفناه من التاريخ الحديث أو القديم للعالم، هذا ما نراه في طريق الحرير.. استقرار وازدهار.

تشرين

شارك