التعجيزات الاجتماعية تليق أكثر بمؤسسة التأمينات الاجتماعية .. براعة في التعجيز .. وكفاءة عالية بسوء الادارة والتنظيم

واحدة من المآسي التي يتعرض لها الموظف في آخر أيام  خدمته وإحالته على التقاعد هي العلاقة بينه وبين مؤسسة التأمينات الاجتماعية ، والتي أقترح بعد التجربة والتماس المباشر معها أن تسمى مؤسسة التعجيزات الاجتماعية كي تكون اسما على مسمى.

وحتى أعطي مثالا حياً عن معاناة المتقاعد سأتحدث عن تجربة واقعية حدثت معي شخصياً خلال إنجاز معاملة الإحالة إلى التقاعد علماً أنني لم أكتب مباشرة حتى لا يتم إعاقة معاملتي، أو يقال أنني أستغل الموقف لصالح سيرها.

البداية كانت بحمل الإضبارة من المؤسسة بعد صدور قرار إنهاء الخدمة إلى موظفة في التأمينات مهمتها تدقيق توفر كافة الثبوتيات المطلوبة قبل البصمة على استلام المعاملة. وهنا نقوم باستكمال ما يتم طلبه من نواقص،  ولكن نفاجأ بوجود نقص آخر لدى كل موظف تصل إليه الإضبارة في دورتها بين الدوائر في هذه المؤسسة،  والمفروض أن يكون لدى التدقيق الأولي جدول واضح بالوثائق المطلوبة يستخدم بتدقيق الموجود من أول الطريق.

وبعد تسليم الأوراق يتم تحديد عشرة أيام للمراجعة ريثما يتم جلب الملف من أرشيف المزة على ذمة الموظف الواسعة.

وإذا دققنا بالأوراق التي طلبت فيما بعد من كل دائرة في التأمينات نجد أن الإدارة لم تحسن التخطيط والتنسيق ما بين دوائرها التي تظهر في طلب أوراق جديدة في كل مرحلة من مراحل سفر المعاملة بين دوائر التأمينات. وهذا طبعا قد يؤدي إلى ضياع الكثير من الأوراق بين الاستلام والتسليم وهذا ما حصل فعلياً معي. فالمتقاعد عليه أن يلف على كل الدوائر والملف في يده صعودا وهبوطاً بين الطوابق  كي يتم إنجاز المعاملة،  ومن ثم صدور قرار التأمينات براتب التقاعد والذي سيتم التأشير عليه من الجهاز المركزي للرقابة والتفتيش فيما بعد. وبالتالي أثناء سفره في هذا الطريق من البرامكة إلى المرجة ذهاباً وإياباً  لا يعلم سوى الله ما هي الورقة التي سوف تسقط على الطريق لتزيد من عذاب المتقاعد وتعرضه مرة أخرى لجلب الأوراق التي أضاعت طريقها.

وكان بالإمكان تخفيف هذه المعاناة من خلال تخصيص غرفة لجهاز الرقابة كي يدرس الملفات دون مخاطر نقلها  توفيراً لهدر الوقت وزيادة التكاليف.

وإذا عدنا إلى ملف المعاملة التي نحن بصددها والتي هي صورة شبه طبق الأصل عن الكثير من المعاملات الخاصة بالمتقاعدين والمتكررة لدى العديد منهم، الذين أدوا واجباتهم تجاه وظائفهم،  وبلغوا ما بلغوه من العمر المفروض أن يكون دافعا لمزيد من الاحترام والتقدير والمساعدة، وهذا ما لم يتوفر عند أي موظف مرت المعاملة على طاولته.

وهنا نؤكد على ضرورة إعادة تأهيل الموظفين على كيفية التعامل مع المواطن أولاً واحترام المراجعين لهم نظراً لما لمسناه فعلياً من سوء معاملة وعدم احترام وكلام بعيد عن ثقافة التعامل مع المواطن.

كما أن هذه المؤسسة تحتاج إعادة النظر في الأوراق المطلوبة والتي يمكن اختصارها دون التأثير على المعلومات اللازم توفرها . نذكر على سبيل المثال وثيقة تسلسل الرواتب الواردة معلوماتها أساساً في البطاقة الذاتية للموظف والصادرة عن السجل العام للموظفين والمؤشرة من الجهاز المركزي للرقابة المالية والمتضمنة المعلومات الخاصة بتسلسل الرواتب منذ التعيين حتى إنهاء الخدمة، وهذا مثال عن الازدواجية في المعلومات المطلوبة.

المفاجأة المتكررة مع المتقاعدين عدم وجود الاستمارة رقم 4 التي تنظم أساساً عند التعيين من أجل التسجيل في نظام التأمينات الاجتماعية، وتدوين كل الاقتطاعات الشهرية عليها. علماً أنني موظفة مدة 39 عاماً فكيف فُقدت هذه الوثيقة من إضبارتي، وعلى أي أساس تم اقتطاع التأمينات من راتبي كل هذه المدة! أشكر ربي أني وجدت نسخة عن هذه الاستمارة لدى مؤسستي الأم تعود لعام 1982 وقمت بتسليمها إلى التأمينات.

السؤال المشروع يطرح هنا كيف يتم تنظيم هذه الوثائق بين المؤسسات أو الشركات والتأمينات الاجتماعية لحفظ الحقوق، وعدم إهانة المتقاعد الذي أمضى أحلى سنين عمره في خدمة الدولة!

ومن المفارقات المضحكة المبكية التي حصلت أن المعاملة أخذت وقتاً طويلاً مما أبقاني بدون دخل عدة أشهر،  لذلك لجأت إلى مراجعة دائرة المعاشات لصرف مستحقاتي المتراكمة فطلب مني الذهاب إلى (العرضحلجي) الموجود أمام الباب الخارجي للمؤسسة،  الذي كلفني 500 ل.س وأنا بدون راتب ، والشيء العجيب المتعارف عليه على ما يبدو نص متفق عليه ما بين المؤسسة  والعرضحلجي والذي تضمن نصاً فيه احتقار وذل للحصول على حقوقي المشروعة.

وأرفق هنا النص كما سطر على العريضة  ” أرجو الموافقة على صرف راتبي من مؤسستكم كوني بحاجة ماسة لشراء دواء وللعلاج ولدفع آجار المنزل”

 

وأنا أرفض أصلا أن يطلب مني تقديم أي طلب لدفع راتبي لأن هذا الأمر مفروض أن يحصل تلقائياً وبدون طلب وكلفة وطوابع، ومما يزيد الغرابة وجود هذا الوسيط بين المراجع والمؤسسة ، ويجب أن يُذيّل المعروض بتوقيع المدير العام ، يا لعجبي على هذا الخلل في التعامل ..!

ومن المؤسف أن هذه المؤسسة رغم أهميتها الاجتماعية إلا أنها غائبة عن أعين الرقابة والمتابعة وكشف المستور فيها من بدائية في العمل وتحكم الموظف في المراجعين والاهمال في استكمال الأضابير لتكون جاهزة دائماً.

هي مؤسسة حكومية مسؤولة عن رواتب المتقاعدين التي هي أصلاً ادخارات دفعناها مسبقاً لمؤسسة لم تقم ،أو لم يسمح لها، في استثمار هذه المبالغ ، وأجد من المناسب أن لا يسمى راتباً لأنه حق الموظف استرجاع مدخراته بعد استثمارها من الدولة عند التقاعد.

أجبروني في النهاية على التفكير بأن تقطيع كلمة متقاعد ما هي إلا ( مت قاعد).

السلطة الرابعة_ سوسن خليفة
شارك