قصة السوري الذي دخل وحيدا جامعة بلجيكية ثم أصبح رئيسا لها.. !

البروفيسور هبرا: الاستثمار في الموارد البشرية السورية مجدٍ؛ وجاهزون لخدمة بلدنا علميا وتقنيا

“المال علاء اسماعيل :
خرجت من سورية، قبل 35 عاما، قاصدا بلجيكا، ثم انتسبت إلى جامعة “ناميور” هناك، كنت السوري الوحيد في هذه الجامعة، تدرجت في عديد الوظائف فيها، ثم عملت أستاذا، فعميدا لكلية المعلوماتية، فرئيسا للجامعة، التي لا يوجد فيها حتى الآن سوى ستة طلاب سوريين..
بهذه الكلمات لخص البروفيسور ناجي هبرا رحلة نجاحه واغترابه إلى ذاك البلد، بل قصص نجاح السوريين حول العالم، الذين يثبتون أينما وحيثما حلوا أن السوري سريع التعلم والتأقلم، فهو ليس طارئا على الحضارة، بل متأصلا في أعماق جذورها، لأنه ظل فاعلا ومنفعلا معها عبر التاريخ..
لا يرى هبرا أن الحصول على المال هدفا وحيدا من هجرة السوريين، بل التحصيل العلمي وإثبات الذات والاحتكاك الحضاري مع الآخر هي ضمن قائمة أهدافه.. وهو ما يفسر غلبة الكوادر العلمية- طبعا قبل الهجرة المرتبطة بالأزمة في سورية- على تشكيلة الجاليات السورية في أوروبا وأميركا وكندا واستراليا، حيث يشكل الأطباء والمهندسون حوالى 50 بالمئة منهم، وإن كان السوريون في بلجيكا لا يشكلون نسبة مهمة، قياسا من نظرائهم من المغاربة والمصريين وغيرهم..
ويقول هبرا في لـ “المال” إن السوريين في بلجيكا وحول العالم، غالبا ما يعزفون بشكل منفرد، لذا فإن جهودهم- مع الأسف- مشتتة ومبعثرة، خلافا للكثير من الجاليات التي تظهر وكأنها تؤدي عزفا جماعيا يعطي نتائج مهمة ومؤثرة، عازيا ذلك لاكتفاء السوري بنفسه، واعتماده على قدراته ومهاراته الذاتية، وربما لا تتوافر مثل هذه الصفات عند الكثير من الشعوب الأخرى حول العالم، ولكن يبقى العمل الجماعي المنتج دليل قوة ومسارا سليما..
ولكن، كيف يمكن للسوريين في المغترب مساعدة الأهل في الوطن الأم الجريح؟ سؤال يجيب عنه بأنه فضلا عن المساعدات الشخصية التي تكون عادة على مستوى الأسرة، فإنهم قد يقدمون مساعدات رسمية عبر المؤسسات الأوروبية والإقليمية والمتوسطية، التي تعمل بشكل مباشر او غير مباشر في سورية، حيث يمكن تقديم الخبرات والبعثات وتمويل المشاريع التنموية المختلفة، فالأزمة التي عصفت بالبلاد، جعلت السوريين حول العالم أكثر ميلا ورغبة لمساعدة بلدهم لتخطي تبعات هذه الأزمة..
ويعول هبرا على الاستثمار في الموارد البشرية، قبل الاعتماد على المواد الأولية والنفط، لأن أفكار الناس هي من يصنع الحضارة والتقدم، لا العكس بدليل تخلف العالم العربي، بالرغم من ضخامة وتعدد موارده، لافتا إلى أن هذا النوع من الاستثمار في سورية مهم وذو جدوى، حيث تمتلك البلاد العنصر البشري المؤهل والمبدع، ولكن ما ينقصه هو البيئة الحاضنة للعمل المنتج والمبدع..
يشار إلى أن الجامعة تقع الجزء الفرنسي (والونيا) من بلجيكا، الواقع في الجنوب والذي يتحدث الفرنسية، فيما يتحدث الجزء الشمالي اللغة الفلامنكية، تأسست عام 1831، ولديها حاليا حوالى 7000 طالب، يتوزعون على ست كليات.

شارك