غياب ثقافة الشكوى.. انعدام الثقة بالحل أم خوف من التبعات؟

يعزو كثيرون غياب ثقافة الشكوى لدى المواطن السوري إلى فقدان الأمل، ويرجعها غيرهم إلى فقدان الثقة بالجهات الحكومية التي من المفترض أن تستمع لشكواه ومن ثم تعمل على تلبية مطالبه وإنصافه في مظلوميته أو حلّ شكواه، وقد يرى صنف ثالث أن المواطن لا يملك القوة للشكوى، إما خوفاً من انتقام، أو خوفاً من المجتمع، وفي الحقيقة فإن كلّ تلك العوامل استطاعت فعلاً أن تبعد المواطن عن اللجوء للشكوى بغرض استرداد حقوقه.

الشكوى ضرورة

بهذا الخصوص، وبغرض تعزيز ثقافة الشكوى لدى المواطن، أقامت جمعية “حقي” في المركز الثقافي في كفرسوسة ندوة تعريفية بعنوان ثقافة الشكوى، برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، الدكتور عمرو سالم، رحّب بكل جمعية تهدف إلى حماية المستهلك أو توعيته لحقوقه طالما عملها يصبّ ويتكامل مع عمل الوزارة. وأكد سالم على وجود العديد من الأمور التي لا تستطيع الجهات المعنية أو الوزارات التدخل بها دون وجود شكوى رسمية، وهنا تقع مسؤولية المواطن في الشكوى ضد كلّ من ينتهك حقوقه في جودة ونوعية الخدمات والسلع التي يشتريها.

وأشار وزير التجارة إلى أن الشكوى التي تستقبلها الوزارة لا تختصّ فقط بالبائعين أو أصحاب المحال، إنما أيضاً ضد موظفي الوزارة، وعمالها، وضد كلّ من يخالف القانون. ولفت إلى أن الوزارة انتهت منذ أيام من وضع نظام على الإنترنت، بحيث يمكن لكل مواطن أن يدخل إليه عبر هاتفه أو عبر حاسوبه الشخصي ويقدّم شكوى، كما أنه يستطيع من خلال هذا النظام متابعة شكواه إلى أن يصل إلى حلها أو استرداد حقه، موضحاً أن الشكوى تشمل كلّ ما يخضع لرقابة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ومنها المحروقات، فهناك -بحسب الوزير- تكامل ما بين الوزارة ومؤسسة محروقات، مع التنويه بأن الوزارة ليست مسؤولة عن وجود المادة، لكنها مسؤولة عن توزيعها وارتفاع سعرها.

التحقق أولاً 

وتكمن أهمية الشكوى، بحسب وزير الزراعة، المهندس حسان قطنا، في حصول الكثير من الهفوات والأخطاء التي لا تعلم بها الوزارات أو الجهات المسؤولة، وهذه الأخطاء بحاجة لمراسل ليوصل الشكوى إلى أصحاب القرار.

وميّز قطنا بين عدة أنواع للشكاوى، فهناك شكوى حقيقية، لكن بالمقابل هناك شكوى قد تكون بهدف الإساءة لجهة ما أو لشخص ما نتيجة نزاعات، وبالتالي التحقق من الشكوى أهم ويجب أن يكون لدينا القدرة على تحقيق ذلك، مشيراً إلى وجود سلطات قضائية، وسلطات رقابية في كلّ وزارة، ومديريات للرقابة والتفتيش تعمل على تلقي الشكاوى والتحقيق بها وإيصال الحقوق لأصحابها.

وأضاف وزير الزراعة: من المهمّ جداً وجود المجتمع المحلي كشريك في هذا الأمر، لذلك فنحن نحيي كل مبادرة في هذا الاتجاه ونعزّز ثقافة الشكوى لإيصال المواطن لحقوقه، ولنتمكن من الوصول إلى كل المشكلات التي قد لا تصلنا من خلال الحوارات أو الكتب الرسمية التي ترد إلى الوزارات.

بناء جسور الثقة 

وتنوي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المضي قدماً في إقامة مثل هذه الندوات، فبحسب وزير الشؤون محمد سيف الدين فإن الوزارة وفي الأيام القادمة ستقوم بدورات تعريفية وتمكينية وتأهيلية لتدريب المجتمع الأهلي على القيام بواجبه بحيث يوصل صوته وشكواه للجهات المعنية.

لكن الأمر لا يتعلّق فقط بتعزيز ثقافة الشكوى لدى المواطن، بل يتعدّى ذلك، كما يرى فراس نبهان معاون وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، إلى بناء جسور الثقة بين المواطن والجهات العامة، وهو الأمر الذي يراه مهماً، مؤكداً أن الوزارة تفتح أبوابها في كلّ يوم اثنين لتقبل شكاوى المواطنين وطلباتهم.

جمعية “حقي

الدكتور ماهر ريا رئيس مجلس إدارة جمعية “حقي” يرى أن الحالة التي تغلب على المجتمع هي حالة البعد عن الشكوى، ويؤكد ريا أن المواطن يمتلك نظرة سلبية عنها، وكأنه في حالة خوف منها أو من تبعاتها، ولذلك كان التوجّه إلى إقامة هذه الندوة بغية تعزيز ثقافة الشكوى.

وأشاد الدكتور ريا بترحيب السادة الوزراء بهذه الندوة فهم – حسب قوله – يريدون من المواطن إيصال الشكوى التي لا يستطيعون معرفتها بسبب عملهم الإداري.

وفي تعريفه لجمعية “حقي” بيّن ريا أنها جمعية حقوقية قانونية تدلّ المواطن على حقوقه لدى دوائر الدولة للوصول لها، وفي حال لم يصل تتابع الجمعية معه ومع الجهات، حتى الوصول إلى الحل، مشيراً إلى أن لدى الجمعية اتصالاً مع كلّ الجهات لخدمة المواطن، سواء من تحت أو فوق الطاولة، إضافة إلى كادر الجمعية الذي يضمّ نحو 40 متطوعاً، متمنياً من كلّ مواطن لديه شكوى الاتصال بالجمعية التي ستقوم بالمتابعة معه منذ تقديم الشكوى إلى الوصول للحل.

البعث

شارك