غياب البدائل يجمد رأس المال بالعقارات.. وإحجام عن التأجير تجنباً للخسائر

لا يزال واقع سوق العقارات محلياً يراوح مكانه وسط أسعار “خيالية” بنيت على أسس لا تمت للقدرة الشرائية للمواطن بأية صلة، فانعكاسات التضخم وسعر الصرف وارتفاع الأسعار عالمياً ومحلياً لم تجد لها طريقاً للدخل الذي بالكاد بات يؤمن طعام وشراب، أما السكن فهو رفاهية بعيدة المنال.

ورغم العرض الكبير للعقارات إما بداعي السفر أو للحصول على سيولة نقدية لأساسيات المعيشة الأخرى، إلا أن الركود مازال ثابتاً أمام طلب شبه معدوم، وشلل في حركة البناء والتشييد، وارتفاع في أسعار مواد البناء، حيث يقارب سعر طن الحديد 4.2 مليون ليرة، وطن الاسمنت حوالي 600 ألف ليرة.

الخبير في الاقتصاد الهندسي الدكتور محمد الجلالي أوضح أن سوق العقارات مستمر بمرحلة ركود لغياب الطلب وانخفاض الدخل، ما أقصى الكثيرين عن الاستثمار في البناء، ورغم العرض الكبير للعقارات إلا أن السعر المرتفع جداً مقارنة بالدخل يحد من الطلب، حيث تبلغ تكلفة المتر المربع حالياً من 700 ألف وصولاً إلى مليون ليرة.

وفيما اتجه الكثيرون للاستثمار بالعقارات بدلاً عن الادخار بالذهب أو القطع، رأى الجلالي أن الاستثمار بالعقارات غير مجزي لغياب الطلب، رافضاً مقولة أن العقارات لا تخسر، فهو معرض للخسارة لكن أقل من خسارة قيمة العملة المحلية، لذلك قد يكون من الأجدى الادخار بالذهب، موضحاً أن حالة الركود بالعقارات مستمرة على المدى المنظور وتحسنها مرتبط بتغير الوضع الاقتصادي.

وبيّن الجلالي أن سوق البناء يعد من أكثر المتأثرين بأية تغير اقتصادي، فارتفاع أسعار الغذاء عالمياً وغلاء السلع الاستهلاكية وانخفاض القدرة الشرائية يحول التركيز لتأمين الأساسيات، مما يخفض الطلب على العقارات، مضيفاً أن غياب سوق مالية قوية أو استثمارات مجزية تسبب بتحويل الكثير من الأموال لتجميدها في العقارات، فرغم أزمة السكن الشديدة قد تكون سورية من أكثر الدول التي تحتوي بيوت فارغة، إذ أصبح العقار كبورصة جمد فيها رأس المال الوطني لغياب البدائل.

من جهة أخرى، لم يشهد الطلب على الإيجارات ذات الانخفاض كما الشراء، إذ يعتبر أصحاب مكاتب عقارية أن الطلب “مقبول” لكن بأسعار مرتفعة بدورها، وينطبق هذا الأمر على السكن المخالف كما النظامي، ففيما كان السعر الرخيص ميزة المخالفات إلا أن الإيجارات فيها ارتفعت أيضاً بنسب كبيرة لتتراوح بين 150- 500 ألف ليرة، فيما أشار الجلالي إلى أن الإيجارات تعتبر مرتفعة من وجهة نظر المستأجر لأن الدخل متدني، لكن من وجهة المؤجر فالإيجار انخفض قياساً لقيمة العقار وارتفاع تكاليف المعيشة.

وأضاف الجلالي أن أية صيانة ولو بسيطة بالبيت تسبب الخسارة للمؤجر، مما أدى إلى إحجام الكثيرين عن التأجير، حتى المغتربين الذين كانوا يؤجرون عقاراتهم أصبحوا يفضلون بيعها، أو حتى تجميدها لما يسببه الأجار من خسائر.

البعث

شارك