غياب الشركات عن سوق دمشق للأوراق المالية فرصة ضائعة … رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية : بورصة دمشق استثمارية ولا تقبل المضاربة والدعم يرفع عن كبار المساهمين فقط

يتخوف الكثير من الناس من فكرة المشاركة في البورصة بسبب ما يسمعونه عن المضاربات في البورصات الأخرى، وأمور أخرى كثيرة تتعلق بهذا الكيان الجديد نسبياً على الحياة الاقتصادية السورية.

رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية د. عبد الرزاق قاسم أوضح لـ«الوطن» أن بورصة دمشق بالأساس لا تقبل المضاربات، ومنذ تأسيسها تم الاعتماد عليها لتكون خاصة بالاستثمار الطويل الأجل، وتحتفظ بالأصول على المدى الطويل، وتنوع الربح والخسارة يتراوح بين + 5 لـ -2، وفق قانون البورصة، ويحقق المشارك فيها الربح بطريقتين هما الربح عبر ارتفاع أسعار الأسهم في البورصة، وأرباح الشركات التي يتم توزيعها على المساهمين والمكتتبين فيها.

وإن كان أكثر ما يؤخذ على بورصة دمشق أنها «بورصة بنوك» إذ يدخل فيها 14 بنكاً و6 شركات ومؤسسات تأمين، مع شركتي اتصالات، ومؤسستي خدمات، مؤسسة واحدة في القطاع الزراعي، واثنتان في القطاع الصناعي بالإضافة إلى سندات الخزينة من القطاع الحكومي، فقد قال قاسم: إن أي شركة مساهمة عامة بإمكانها الدخول إلى البورصة من حيث المبدأ، ولكن أغلب الشركات الموجودة حالياً هي إما مساهمة خاصة أو محدودة المسؤولية، وبمجرد تحويلها إلى مساهمة عامة وطرح أسهمها للاكتتاب العام بالإضافة إلى شروط أخرى بسيطة بإمكانها الدخول إلى البورصة، مشيراً إلى أن تنويع الشركات في السوق يحتاج إلى وقت طويل وتشريعات تلزم بعض القطاعات بعدم ترخيص الشركات إلا كشركات مساهمة عامة كالتمويل والتطوير العقاري.

وأوضح قاسم أن الشركة عندما تتحول من مساهمة خاصة إلى مساهمة عامة فإن أكبر مكسب لها هو الإعفاء الضريبي، فعندما تطرح شركة ما 40 بالمئة من أسهمها تخضع لضريبة قدرها 14 بالمئة، في حين باقي الشركات تخضع لضريبة أعلى من ذلك بكثير.

وحول مشاركة البنوك العالمية عبر فروعها في سورية ضمن بورصة دمشق وتأثيرها لكونها مشاركة بالبورصات الأخرى قال قاسم: صحيح أن هذه البنوك تعتبر شريكاً أجنبياً، لكنها حاصلة في سورية على ترخيص سوري وفق قانون الشركات وتخضع لرقابة الهيئة والمصرف المركزي، ويربطها بالشريك الأجنبي مساهمته بها وبالتالي فهي لن تنقل التأثيرات من خارج البورصة إلى داخلها، وكانت الحاجة لها بداية هي الحاجة إلى شريك ذي خبرة في القطاع المصرفي، أما بالنسبة لتخوف البعض ممن يريد الاشتراك بالبورصة والدخول في تداول الأسهم من حرمانه من الدعم الحكومي فإن الدعم وفق القوانين تم رفعه عن كبار المساهمين فقط ممن يمتلكون 5 بالمئة من أسهم شركة معينة أو أكثر، ونسبة 5 بالمئة تعني أرقاماً فلكية فيما يخص الأسهم المطروحة ومبالغ تصل إلى مئات الملايين، وبالتالي فإن هذا التخوف في غير موضعه.

وفيما يخص تخوف الشركات من التحول إلى شركات مساهمة عامة على الرغم من التسهيلات المقدمة من القانون، وغيابها عن البورصة مثل الشركات الطبية، أوضح الخبير الاقتصادي د.علي كنعان لـ«الوطن» أن الشركات المساهمة العامة مجبرة على تقديم بيانات مالية حقيقية لهيئة الأوراق والأسواق المالية، لتقوم الأخيرة بتدقيق نشاطات وبيانات هذه الشركة، ولا يجوز لأي شركة أن تخفي أي معلومة عن الهيئة، وفي حال أخفتها تتعرض للمساءلة القانونية، وبالتالي هناك بعض المالكين للشركات التضامنية والشركات المساهمة المحدودة المسؤولية يخفون جزءاً من بياناتهم ولا يقدمون معلومات صحيحة، وهذا نوع من التهرب الضريبي وحتى التهرب من كشف الأرباح أمام باقي المالكين.

وحول التشريعات الحالية وما يمكن إصداره من تشريعات تساهم في زيادة الشركات المساهمة العامة، لفت كنعان إلى أنه من الممكن إصدار تعليمات تمنع العمل في العديد من المجالات إلا للشركات المساهمة العامة وبالأخص المجال الطبي والبناء والتشييد والفنادق وكل الأنشطة الكبيرة، وأضاف إنه يمكن فتح المجال أمام الشركات للدخول في قطاعات مغلقة بوجهها أساساً فمثلاً شركات المياه ممنوعة من العمل في القطاع الخاص ومن الممكن السماح لها بالعمل ضمن هذا المجال شريطة أن تكون مساهمة عامة، الأمر الذي يزيد من عدد الشركات، والاستثمار الجماعي، ويزيد عوائد الدولة بما يجعل الحكومة على السكة الصحيحة في هذا المجال، ولاسيما أن الشركة متى تحولت إلى مساهمة عامة تخضع لرقابة هيئة الأوراق والأسواق المالية لمدة 3 سنوات ثم تدخل تلقائياً في البورصة.

واعتبر كنعان أن ترخيص شركات التطوير العقاري كشركات مساهمة عامة يمكن أن يضع أسساً عامة صحيحة للاستثمار العقاري بما يخلص السوق من سلطة بعض التجار والمستثمرين على السوق العقارية ممن يقدمون الأبنية على الهيكل فقط، وهو أمر غير موجود إلا في سورية، ففي كل الدول الشركة التي تبني تقوم بالإكساء، إلا في سورية لكون الشركات التي تبني إما تضامنية أو مساهمة محدودة المسؤولية ولا تستطيع في أغلب الأحيان المتابعة بالإكساء، فتلجأ إلى طرق ملتوية ما يعرض المستفيدين والمالكين والحكومة معاً إلى الخسارة.

وحول تراجع الاستثمار بالبورصة أرجع كنعان السبب في ذلك إلى التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد السوري، موضحاً أن الأسواق المالية بشكل عام لا تنتعش إلا بحالات الاستقرار الاقتصادي حيث يصبح مردودها كبيراً وتتفوق حتى على ظاهرة الشركات جامعة الأموال ممن يجمعون المال من المواطنين بحجة الربح ثم يختفون كما حصل منذ فترة من الزمن، أما في حالة مشابهة للاقتصاد السوري فيلجأ المواطنون للاستثمار بالذهب والقطع الأجنبي، وبورصة دمشق لولا الأحداث التي تمر البلاد بها لكانت أكبر وأوسع من أي بورصة أخرى في الدول المجاورة ولاسيما أن لها تاريخاً قديماً، ففي عام 1956 كانت البورصة الأولى في كل الدول النامية وتضم 60 شركة مساهمة، آملاً أن تشهد البورصة حركة استثمارية ضخمة وانتعاشاً كبيراً بعد تغير الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد.

شارك