أهم 10 تريندات في 2024.. شراء الذهب بوتيرة قياسية والدفع بعملات غير الدولار

إن البحث عن البدائل مستمر. وتنقل البنوك المركزية الأجنبية احتياطياتها إلى عملات منافسة، وتشتري الذهب بوتيرة قياسية. لقد انضمت الإمارات العربية المتحدة أخيراً إلى روسيا وغيرها من منتجي النفط الذين يقبلون الدفع بعملات أخرى غير الدولار. وإذا أدى عبء الديون المتزايد في الولايات المتحدة إلى تباطؤ اقتصادها بسرعة أكبر من المتوقع – وهو احتمال حقيقي – فإن الدولار سيواجه تهديداً مزدوجاً في عام 2024.

كان عام 2023 بمنزلة تذكير بأن معظم الأعوام كانت مزيجاً من المفاجئ والمتوقع. لم تكن كل الرهانات المتناقضة البحتة ستؤتي ثمارها. لقد تراجع اقتصاد أوروبا بشكل أكبر من الولايات المتحدة. وقادت أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية الضخمة الاتجاه مرة أخرى.
ومع أخذ ذلك في الحسبان ركزت التوقعات العشرة الأهم لعام 2024 على كيفية تطور الاتجاهات الحالية. مؤكدة أن أسعار المال، والتضخم وشركات التكنولوجيا الكبرى ستظل في قلب الحديث العالمي، ولو لم تكن بالطريقة نفسها تماماً. وفي الوقت نفسه، ستحتل السياسة مسرح الأحداث لسبب بسيط: لم يشهد العالم أبداً عاماً أكبر بالنسبة للانتخابات، من العام الجاري.
حراس السندات
أفسح الهدوء الخيالي لعام 2023 الطريق أمام بهجة بسيطة في الأسابيع الأخيرة من العام حيث انخفض التضخم بشكل أسرع من المتوقع، ما أوجد الآمال في أن تستمر أسعار الفائدة في الانخفاض. وهذا يتجاهل اتجاهاً رئيساً.
القضية الرئيسة هي “علاوة الأجل”، أو العائد الإضافي الذي يطلبه مستثمرو السندات مقابل أخطار الاحتفاظ بالسندات طويلة الأجل. في العقد الأول من القرن الـ21، مع انخفاض التضخم وشراء البنوك المركزية للسندات بالمليارات، اختفى هذا الخطر. الآن فقط، أصبحت الديون والعجز أكبر بكثير مما كانت عليه قبل الجائحة، ولم يتراجع التضخم بشكل كامل، ولم تعد البنوك المركزية من كبار مشتري السندات. حتى لو تراجع التضخم بشكل أكبر، فمن المحتمل أن يطالب المستثمرون بشيء إضافي لمواصلة استيعاب المعروض الضخم من السندات الحكومية. وهذا يعني أن أسعار الفائدة، وأسعار الفائدة طويلة الأجل على وجه الخصوص، لن تنخفض إلى أي مستوى قريب مما كانت عليه في دورات انحسار التضخم السابقة.

تفكك العظماء السبعة

في عام 2023، ازدهرت أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى من جديد على افتراض واسع النطاق بأنها الشركات الوحيدة الغنية بما يكفي للاستفادة من الشيء الكبير التالي، وهو الذكاء الاصطناعي. لكن ثلاث فقط من الشركات السبع هي الأطراف الرئيسة في مجال الذكاء الاصطناعي: وهي مايكروسوفت، وألفابت، وإنفيديا. وشركة واحدة فقط منها، إنفيديا، هي التي تجني أموالاً حقيقية من الذكاء الاصطناعي. أما البقية، حيث حظيت بارتباطها بهذه الكلمة الشائعة في يومنا هذا، فقد شهدت ارتفاع قيمة أسهمها في سوق الأوراق المالية بما يتجاوز نمو أرباحها.

هوس الذكاء الاصطناعي يتصدر شركات التكنولوجيا.. وانخفاض حاد في تمويل رأس المال المغامر

وهذه متلازمة مألوفة: فالابتكار الجديد يثير اهتمام المستثمرين، الذين يضخون أموالهم في أي شركة ترتبط ارتباطاً غير وثيق بهذا الابتكار، إلى أن يدركوا أن معظمهم لن يكسبوا المال منه في أي وقت قريب. وقد حدث ذلك في حقبة الدوت كوم، وهو يحدث الآن. فتوقعات أرباح الشركات السبع الكبرى لعام 2024 تتباين في الوقت الحالي: فهي ترتفع بسرعة لشركة إنفيديا، وبالكاد على الإطلاق لشركة أبل، فيما تتقلص بالنسبة لشركة تسلا.
كما يتكشف هوس الذكاء الاصطناعي على خلفية غير عادية، فبقية قطاع التكنولوجيا في حالة ركود مصغر. وانخفض تمويل رأس المال المغامر بشكل حاد. وبقيادة كل من أمازون، وألفابت، ومايكروسوفت في المقدمة، قامت أكثر من 1100 شركة تكنولوجيا بتسريح موظفيها في العام الماضي. إن الخسارة الصافية التي بلغت 70 ألف وظيفة جعلت قطاع التكنولوجيا هو القطاع الوحيد، باستثناء قطاع السينما، الذي تقلص حجمه في عام 2023. ومن المرجح حدوث تخفيضات أخرى في عدد الموظفين، وليس طفرة، في عام 2024.

عقدة نابليون في هوليوود

لا شك في أن الجائحة تركت كثيراً من الناس في حالة حذر من الأماكن الداخلية، ولكن في معظم الأحيان امتلأت الحانات والمطاعم وغيرها من وسائل الترفيه مرة أخرى. لكن دور السينما ليست كذلك، إذ لم تتجاوز مبيعات التذاكر حتى الآن 900 مليون تذكرة في السوق المحلية الأمريكية، بانخفاض من 1.2 مليار في عام 2019 ونحو 1.6 مليار في ذروتها عام 2002.
إن مشكلات هوليوود معروفة جيدا، ومن بينها التحديات التي تتسبب فيها خدمات البث عبر الإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام الموجودة على شبكة الإنترنت، وحدود صيغة أفلام الحركة الرائجة. وفي كل هذا، يتم التقليل من أهمية الميل المتزايد لفلترة النصوص بعدسة تقدمية، ما يزيد من جاذبيتها لدى الليبراليين الذين يشكلون 30 في المئة من السكان، مع المخاطرة بتنفير بقيتهم. ويمكن للمرء أن يسمع صوت التأثير المتعمد في عديد من الإصدارات الجديدة، ولكن ربما يكون الأمر الأكثر فظاظة في فيلم نابليون، وهو محاكاة ساخرة مسيسة لواحدة من أكثر الشخصيات تعقيداً في التاريخ.
فوفقاً لرواية رايدلي سكوت، لم يكن الإمبراطور استراتيجياً عسكرياً كبيراً، ولا بطلاً للثورة الجمهورية، ولا مصلحاً للخدمة المدنية والتعليم، بل مجرد قاتل صغير غريب الأطوار. وينتهي الفيلم باستعراض عدد القتلى في ساحات المعارك. ورداً على سؤال حول ما إذا كان قد شاهده، قال لي صديق محافظ فرنسي المولد: “بالطبع؛ لا”، لأنه كان يعلم أن هوليوود ستجعل شخصية نابليون تتناسب مع نظرتها السياسية للعالم. وقد يثير ذلك استحسان أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، لكنه لن يساعد في إنعاش إيرادات شباك التذاكر.

رد فعل عنيف ضد الهجرة

لأسباب عديدة – من النقص في سوق العمل في العالم الغربي إلى الحرب في أوكرانيا – انفجرت حالات الهجرة، حيث ارتفعت منذ عام 2019 بنسبة 20 في المئة في كندا، ونحو 35 في المئة في الولايات المتحدة ونحو 45 في المئة في المملكة المتحدة.
وتشكل هذه التدفقات إضافة ضخمة للاقتصادات التي تواجه نقصاً في العمالة، حتى لو كانت لا تحظى بشعبية. احتل اليميني الشعبوي الهولندي خيرت فيلدرز المركز الأول في الاقتراع الوطني العام الماضي على منصة تنتقد المهاجرين. وأصبح المهاجرون أيضاً قضية حملة انتخابية في بولندا، التي غدت أقل ترحيباً بموجات جديدة من اللاجئين – رغم الحاجة الماسة بشكل خاص. فقد تحول معدل النمو السكاني في سن العمل في بولندا إلى مستوى سلبي، قبل أن يقلب تدفق المهاجرين ذلك.
النقطة الساخنة التالية هي الولايات المتحدة، أكبر دولة تشهد ارتفاعاً في معدلات الهجرة وانتخابات في عام 2024. رغم إن المهاجرين يخفضون ضغوط الأجور، ما يساعد على خفض التضخم، فإن رد الفعل العكسي واضح بالفعل، بقيادة دونالد ترمب. هدفها الرئيس هو المهاجرين غير الشرعيين، الذين فاق عددهم المهاجرين القانونيين بمقدار مليونين إلى 1.6 مليون عام 2023. وأياً كان الفائز في الانتخابات، فمن المرجح أن يمتد رد الفعل العكسي ويبطئ تدفق المهاجرين – والفوائد التي يجلبونها.

دورة عدم الإفلاس

ارتفعت أسعار الفائدة بشكل حاد للغاية، وبدا من شبه المؤكد أن الشركات المثقلة بالديون ستفلس سريعاً، وسيلجأ المستهلكون إلى الاحتماء على الفور، كما ستنخفض الأسواق، ويضرب الركود، وسيواجه العالم إفلاساً كلاسيكياً في عام 2023.
السبب الآخر: خلال العقد الأول من القرن الـ21، تحول العمل من الأسواق المالية العامة إلى الأسواق المالية الخاصة، حيث توجد علامات ضعف، بما في ذلك تباطؤ التدفقات إلى الصناديق الخاصة وانخفاض مبيعات الشركات المملوكة للأسهم الخاصة. لكن الشركات الخاصة لا تضطر إلى الإبلاغ عن العوائد بشكل متكرر كما تفعل الصناديق العامة، وبالتالي فإن الضعف لن يكون واضحاً تماماً لفترة من الوقت.
لا يزال من الممكن أن يفقد كل من الاقتصاد والأسواق الزخم ببطء، بطريقة تحدث بالفعل، كما رأينا في الأسواق العامة. لم يسجل مؤشر إس آند بي 500 ارتفاعاً جديداً خلال عامين، وهو الآن أعلى بنسبة 20 في المئة من اتجاهه على مدى 150 عاماً، منخفضاً 45 في المئة في أواخر عام 2021. ومع أن تكاليف الاقتراض لا تزال مرتفعة نسبياً، فمن المرجح أن ينزلق الاقتصاد نحو الانخفاض مع تفاقم الأزمة، رغم إمكانية تجنب الإفلاس الكلاسيكي.

الصين
يواصل كثير من مراقبي الصين ترديد خط الحزب في بكين، وهو أن النمو يصل إلى 5 في المئة، وربما كان هذا ضعف إمكاناته الحقيقية. وعندما سئلوا عن سبب عدم اتخاذ بكين خطوات أكثر جرأة لإنقاذ الاقتصاد المتعثر، كان الجواب من صناع السياسات الصينيين هو، حسناً، معدل النمو الرسمي جيد، فلماذا نتخذ مزيداً من الإجراءات؟

الاقتصادات الناشئة
منذ وقت ليس ببعيد، ازدهرت كثير من الاقتصادات الناشئة الصغيرة عبر بيع المواد الخام إلى الاقتصادات الكبرى، ونمت بالتوازي مع الصين.
كانت الصين حتى عهد قريب تجتذب أكثر من 10 في المئة من الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي، وفي ظل عكس هذه التدفقات، كانت البلدان الناشئة المنافسة هي الرابح الأكبر، بقيادة فييتنام، والهند، وإندونيسيا وبولندا وقبل كل شيء المكسيك، التي شهدت حصتها نمواً أكثر من الضعفين إلى 4.2 في المئة.
ينتقل المستثمرون إلى البلدان التي يمكنهم الوثوق فيها بالسلطات الاقتصادية. خلال الجائحة، امتنعت حكومات العالم الناشئ عن الاقتراض بكثافة. وتجنبت البنوك المركزية شراء كميات كبيرة من السندات، وتحركت بسرعة أكبر من نظيراتها في العالم المتقدم لرفع أسعار الفائدة عندما عاد التضخم.
في بداية عام 2023، خشي كثير من المراقبين من أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى إشعال حالة عدم الاستقرار التي عمت في التسعينيات، عندما كانت العشرات من الدول الناشئة تتخلف عن السداد كل عام. ماذا حدث؟ تخلفت سوقان صغيرتان من الأسواق الناشئة (غانا وإثيوبيا)، ولم تتخلف أي سوق رئيسة واحدة عن السداد خلال العام. الدول الناشئة مدهشة في قدرتها على الصمود، وليس في هشاشتها، ومن المرجح أن يبدأ العالم في ملاحظة ذلك العام المقبل.

تراجع الدولار

في أواخر عام 2022، بلغت قيمة الدولار أعلى مستوى منذ عقدين مقابل العملات الرئيسة الأخرى، وانجرفت منذ ذلك الحين نحو الانخفاض. ويشير التاريخ إلى أن دورات انخفاض الدولار تدوم نحو سبعة أعوام. وتشير الدلائل إلى أن الانخفاض قد يتسارع. وحتى الآن، يظل الدولار مقوماً بأعلى من قيمته الحقيقية مقابل كل العملات الرئيسة.
لايزال معظم الاقتصاديين واثقين من أن الدولار لن ينخفض كثيراً لأنه لا يوجد بديل، ولن يتعب المستثمرون أبداً من شراء الديون الأمريكية. ثقة زائدة. العجز المزدوج في الولايات المتحدة، الذي يتجاوز 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي – بما في ذلك الميزانية الحكومية والحساب الجاري- هو أكثر من ضعف المتوسط في البلدان الأخرى. منذ عام 2000، تضاعف صافي ديون الولايات المتحدة لبقية العالم أكثر من أربع مرات ليصل إلى 66 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين كانت البلدان المتقدمة الأخرى في المتوسط تخفض عبء ديونها وتبرز كدائنين صافين.

شارك