خبراء وأكاديميون: الإنفاق المالي زاد هذا العام.. والعجز في الموازنة ليس سلبياً أو إيجابياً

تعرف الموازنة العامة للدولة على أنها بيان تفصيلي معتمد يحتوي على الإيرادات العامة التي يتوقع أن تحصلها الدولة والنفقات العامة التي يلزم إنفاقها خلال سنة مالية قادمة.
فالموازنة بمثابة البرنامج المالي للخطة التي تعمل بها الدولة عن سنة مالية مقبلة من أجل تحقيق أهداف محددة في إطار الخطة العامة للتنمية.
زيادة في الإنفاق الجاري
وفي سورية بلغت موازنة الدولة عام ٢٠٢٤ بحدود ٣٥٥٠٠ مليار ليرة سورية مقارنة مع ١٦٥٥٠ مليار ليرة في موازنة ٢٠٢٣، والإنفاق الجاري بموازنة ٢٠٢٤ حوالي ٢٦٥٠٠ مليار ليرة، وبالتالي الإنفاق الجاري كان قد ازداد بنحو ١٢٩٥٠ مليار ليرة كمقارنة بين العامين وهذه نسبة لا بأس بها.
مكونات الموازنة
ولكن الأهم والكل يتساءل عن مكونات الموازنة وكيف تم إعدادها وهل يختلف الإعداد للموازنة بالأوقات العادية عن أوقات الحرب وما إلى ذلك.. وهل لحظت أرقام الموازنة العامة في سورية نسب التضخم بسائر مرافق الحياة الاقتصادية.
“الثورة” التقت عدداً من الأكاديميين الذين قدموا آراءهم وطرحت عدداً من هذه التساؤلات.
إحدى طريقتين
الأستاذ الجامعي في العلوم المالية والمصرفية والخبير الاقتصادي الدكتور نهاد حيدر تحدث عن كيفية إعداد الموازنة العامة للدولة، وقال: من اسمها الموازنة العامة للدولة يعني خطة مالية لمدة عام وعامة يعني لجميع وزارات الدولة يعني القطاع العام وهو ما يشمل قطاع الحكومة فقط، وتبنى بإحدى الطريقتين.. ما هي الإيرادات المتوفرة لدينا؟ وكيف سيتم صرفها؟.. والطريقة الثانية ما هي احتياجاتنا؟، وكيف سنؤمن الإيرادات؟.
وأهم ما يجب أن نعرفه بحسب حيدر أن مكونات الموازنة هي شقان: إيرادات الموازنة ونفقاتها، والفرق بينهما وهو عجز الموازنة، أو فائض الموازنة يعني إذا كانت إيرادات الموازنة أقل من عجز الموازنة من أين سيتم تأمين فرق العجز، وإذا كان لدينا فائض كيف سيتم التصرف الفائض؟
وأما في الإيرادات يوجد مصادر وأبواب لها وعنصر أكثر تزويداً للدولة بالموازنة بالإيرادات، وما هو أقل البنود التي تزود الموازنة بالأموال ويكون هناك تغيير بالأبواب من عام لعام.
الجارية والاستثمارية
وتابع أهم بند بنفقات الدولة يقسم إلى قسمين نفقات جارية وأخرى استثمارية، وأما الأولى هي كل المصروف العادي الذي لا يرتبط بالاستثمار وأهم البنود على الإطلاق هو بند الدعم، وإذا كان يوجد احتمال زيادة الرواتب يتم رصده في باب نفقات الموازنة العامة للدولة، ومن بنود الموازنة بند مخصص للحالات الطارئة.
مضيفاً أن البند الاستثماري هو الأهم كونه يركز على إعادة تشغيل القطاع العام وتأهيل المشاريع الهامة التي ممكن أن تربح وتعود إلى الإنتاج، وبالتالي ترفد الدولة بواردات خزينتها.
من الأدنى إلى الأعلى
وركز دكتور العلوم المالية والمصرفية على أهمية الموازنة التي تم إعدادها حسب القانون من قبل الجهات العامة، وتبنى الموازنة من الأدنى للأعلى أي تجميعية، ويتواجد ثلاثة عناصر عند إعداد الموازنة من كل وحدة إدارية ممثلين عن هيئة تخطيط الدولة ووزارة المالية والجهة الحكومية، كذلك الأمر يوجد لجنة الموازنة في مجلس الشعب متخصصة بالشؤون المالية تدقق بالأبواب في تغيرات الموازنة من عام لعام، يعني يتم الإعداد من أصغر وحدة إدارية ثم للجهة الأعلى وتتجمع الموازنات (تجمعية) على مستوى الإدارات ثم الوزارات وتناقش مع مكتب الموازنة بوزارة المالية بند كإيرادات ونفقات، علماً أن الوزارات تبدأ بإعداد الموازنة من الربع الأخير من العام السابق، وتدقق على مستوى وزارة المالية.
الأسعار الجارية والثابتة
وأشار إلى أن الموازنة تعد بطريقتين إما بطريقة الأسعار الجارية التي هي الأساس وتظهر التغيير الرقمي والمتضمن التضخم، وطريقة الأسعار الثابتة إذا أردنا أن نخصم منها التضخم.
ورداً على سؤالنا، هل يمكن أن تطرأ مستجدات ما وتعدل من أرقام الموازنة قال: يمكن أن يحدث طارئ دعونا نتفاءل أن هناك شيء يمكن أن ننتظره كاتفاق سياسي أو إعادة آبار نفط، أو سهولة جريان التجارة في البحر الأحمر هنا ستتغير إيرادات الموازنة للأفضل.
الموازنة تحافظ على مؤسسات الدولة
الخبير المالي علي محمد تحدث لـ”الثورة” عن أهمية الموازنة مبيناً أنها تيسر أمور الدولة بما فيها الوزارات ومؤسسات الدولة، وبفضلها لم نسمع بأي مؤسسة أفلست، أو لم تعد موجودة أو إذا كانت حولها مشكلات فسوف تحل.
متابعاً.. عندما ندخل ببنود وتقسيمات الموازنة العامة للدولة ندخل بباب الإيرادات وأهم بنودها التي تغطي باب النفقات ومنها الضرائب والرسوم وإيرادات أملاك الدولة، وبعض الإيرادات الناتجة عن المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي.

النفقات
وأما الباب الثاني فهو النفقات، وتسمى اعتمادات الموازنة وتقسم إلى اعتمادات إنفاق جار واستثماري، ويوضع الإنفاق الجاري على كل احتياجات الدولة من مواد وتسيير مؤسسات الدولة العامة بما فيها الرواتب والأجور، والإنفاق على بعض مناح تخص المرافق العامة، وأما الاستثماري يفترض أن يكون حجم مبالغ مخصصة لإنفاقها في مجالات تعظم من العائد الاستثماري بحيث نزيد من الإنتاج والناتج.
تراجع الاستثماري إلى ٢٥٪
ورداً على سؤال كيف يكون توزع الجاري والاستثماري، قال الخبير المالي: البعض يقول يجب ألا يقل عن نسبة معينة من إجمالي اعتمادات الموازنة، نحن في موازنة ٢٠٢٤، يوجد ٩٠٠٠ مليارليرة استثماري مقارنة “ب ٣٥٥٥٠ مليار ليرة، وبالتالي أقل من ٢٥% للاستثمار، ويمكن أن يكون السبب في ذلك ظروف وبيئة الحرب.
ونوه- علي- بموضوع العجز- وهل يمكن أن نعتبره سلبياً أم إيجابياً أم ميزة لكل دولة أن يكون عجز الموازنة عندها صفر، وتدفع كامل اعتماد الإنفاق الجاري وبالمقابل إنفاق استثماري وتستثمر بشكل صحيح والإيرادات المتأتية عن كل ما سبق تعادل هذه النفقات وهو ما يعد إيجابياً.
وبحسب- علي- فإن العجز في سورية ليس إيجابياً ولا سلبياً بل هو الزيادة في الإنفاق الاستثماري الذي يحقق قيمة مضافة أم لا، وهذا الأمر لا يمكن أن نجزمه لأننا نرى واقعاً اقتصادياً يشهد مزيداً من التراجع نتيجة عدة عوامل منها الحرب، وبالتالي لا يمكن أن نتكلم أنه إيجابي قبل أن نرى قطع الحسابات الذي كان في الأعوام الثلاث الماضية أو السنوات التالية.
ما هو الإنفاق الفعلي والإيراد الفعلي
وأشار محمد إلى أن مشكلة العجز في بعض البلدان يتم إطفاؤه بما يسمى الإصدار النقدي أي بتمويل من المصرف المركزي، تطبع فئات نقدية جديدة وتطرح بالسوق زيادة الإصدار النقدي أو الكتلة النقدية عن الكتلة السلعية الموجودة بالسوق تسبب تضخماً عاماً بعد عام.
متابعاً.. في سورية عجز العام الماضي كان بحدود ٤١١٨ مليار ليرة سورية، واليوم بحدود ٨٠٠٠ مليار ليرة وبالتالي عجز ضعف وإذا تواجد إصدار نقدي سيوجد مزيداً من التضخم.
ونوه بأنه لحظت أرقام الموازنة العامة للدولة وبالأخص اعتمادات الإنفاق الجاري نسب التضخم بسائر مرافق الحياة الاقتصادية في سورية حتى ارتفعت إلى هذا الارتفاع ما سينعكس على ارتفاعات الإنفاق الجاري قولاً واحداً.
وتساءل هل هذه الموازنة من أكبر موازنات سورية وهنا نتكلم عن ٣٥٥٠٠مليار ليرة سورية.. لكن دعونا نقوم العملة الثابتة لنتفاجأ أنها ارتفعت ١١٥%، وبالمقابل انخفضت عندما كان الدولار ١١٥٠٠ عند إعداد الموازنة.

شارك