المصرف المركزي: وجود سياسة احترازية كلية في سورية يعد أمراً مهماً لمواجهة أي أزمات محتملة

تطرّق مصرف سورية المركزي في دراسة له إلى السياسة الاحترازية الكلية Mapp في الاقتصاد، وتأتي أهميتها (بحسبه) من كونها تشكل سلاحاً قوياً في ترسانة اقتصاد الأزمات، معتبراً أن تقييم التأثير الإجمالي لها على الطلب الكلي إضافة إلى الاستهلاك والاستثمار هو أمر بالغ الأهمية، ناهيك عما وجدته العديد من الدراسات الاقتصادية من علاقة عكسية بين اعتماد السياسات الاحترازية الكلية والنمو الاقتصادي، منوهاً بما يقوم به برنامج Mapp من تقييد للائتمان والعمل على إبطاء النمو.

ووفقاً لما أورده المركزي، فإن وجود سياسة احترازية كلية في سورية يعد أمراً غاية في الأهمية لمواجهة أي أزمات محتملة مستقبلاً، وتقليل آثارها السلبية المتوقعة على الاقتصاد السوري، ولاسيما أن الرؤية تقول بأنه وخلال الفترة الحالية والصعوبات التي تعاني منها المستويات الاقتصادية كافة، فإن إعداد سياسات احترازية نوعية إلى جانب السياسات الآنية المتبعة للوصول بالمرحلة القادمة نحو تنشيط النمو الاقتصادي هو أمر مهم خاصة على صعيد الائتمان، وتوجيهه بالدرجة الأولى نحو الاستثمار، فمع تدني الدخل الحقيقي تتوجه الأسر نحو الائتمان تلبية لمتطلباتها الاستهلاكية، مما يرفع معدلات الاستهلاك مقارنة بالاستثمار والإنتاج، مما يخفض فعالية آليات معالجة التضخم المرتفع على المدى القصير، لكنه يزيد في الوقت ذاته عجز تلك الأسر وتوجهها للبحث عن مصادر دخل أعلى، مع شبه انعدام أو تقليص لعنصر الرفاهية على المدى الأبعد، ومع استخدام الأدوات الاحترازية لتقييد ائتمان الأسر وتوجه البنوك لمنح الائتمان بشكل اكبر للشركات أو المستثمرين، فإن الاستثمار سيتعزز بذلك وترتفع معدلاته وكذلك سيسهم في نمو الناتج الإجمالي، وبالتالي الدخل الحقيقي لأكبر عدد ممكن من الأسر وصولاً إلى نوع من التوازن بين الطلب والإنتاج، مع إضافة عنصر الرفاهية مجدداً للأسر ذات مستويات الدخل الأدنى.

ووفقا للمركزي- فقد درست ورقة نشرتها المجلة الدولية للبنوك المركزية السياسة الاحترازية الكلية والطلب الكلي للشركات والأسر، ووجدت أن تأثيرات برنامج Mapp على الاستثمار والاستهلاك تعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على القيود المالية المفروضة على الأسرة والشركات، فإذا شدد Mapp قيود الاقتراض على الجميع بذات النسبة أو الطريقة، فسوف تضطر الأسر والشركات إلى زيادة الادخار والإقلال من الاقتراض مما سيؤدي إلى انخفاض الاستهلاك والاستثمار، أما إذا قيد البرنامج الوصول إلى الائتمان وجعله أكثر صعوبة بالنسبة للأسر مقارنة بالشركات، فمن المرجح إن ينخفض الاستهلاك، ولكن الاستثمار هنا يجب أن يبقى مستقراً أو حتى تزداد نسبته إذا ما قامت البنوك بتوسيع الائتمان لقطاع الشركات، وعليه يكون العكس صحيحا إذا ما تسبب Mapp في وصول في وصول أكثر صعوبة للائتمان بالنسبة للشركات مقارنة بالأسر، وعندها يمكن أن ينخفض الاستثمار مع استقرار الاستهلاك أو زيادته في حال حولت البنوك إقراضها باتجاه الأسر، ومن خلال هذين الإجراءين يكون للسياسة الاحترازية الكلية تأثير عميق على كل من الاستهلاك والاستثمار.
تقليل الاستهلاك وزيادة الاستثمار

الورقة التي كانت قد نشرتها المجلة الدولية للبنوك المركزية (وفقا لما أورده المركزي في دراسته) كانت قد قيّمت تأثير السياسة الاحترازية الكلية على الطلب الكلي في الاتحاد الأوروبي بين عامي 2000 و 2019، مستخدمة نهج الفرق في الاختلافات فوجدت أن Mapp يقلل من استهلاك الأسر ويزيد من استثمار الشركات، لافتة إلى أن هذه التأثيرات تكون خفيفة أو ضعيفة نسبيا على المدى القصير، ولكنها تصبح أكثر وضوحاً على المدى البعيد، وفي نفس الوقت فقد أشارت نتائج الورقة إلى تأثير ضعيف على الاقتصاد الكلي مما كان مبيناً في دراسات سابقة.

الثورة

شارك