حبوب المنشطات تتلطّى خلف جدران امتحانات الشهادات.. ويد النقابة وحماية المستهلك عاجزة عن ضبطها!

كل عام وقُبيل فترة امتحانات الشهادات بشهر، يجري بحث الطلاب والأهالي عن أية وسيلة لإبقاء أبنائهم في حالة استيقاظ أكبر عدد ممكن من ساعات النهار والليل، ولم يعد خافياً على أحد تسهيل الكثير من الصيدليات خلال الحرب، وبعدها، بيع العقاقير والمنشطات “المقوية للذاكرة”، بالإضافة لصفحات التواصل الاجتماعي وما تحتويه من حسابات غير مرخصّة لترويج عقاقير منشّطة حسب زعمهم ومفيدة صحيّاً لطلاب الشهادات والجامعات، والتي للأسف تلقى رواجاً كبيراً من قبل الفئات المستهدفة والتي وقع الكثير منهم في فخ النصب والاحتيال، وأوصلت البعض للمشافي بعد تناولهم لمنتجاتهم غير معروفة المصدر والمنتهية الصلاحية في الكثير من الأحيان.

تجارة المنشطات 

ولم تقف الضبوط الكثيرة الموّجهة للصيدليات المخالفة في المدينة والريف في وجه الصيادلة ممن يجدون في هذه الفترة مصدراً  للرزق المضاعف، ليصبح بيع هذه المنشطات بمثابة التجارة بالنسبة للبعض، ويتضح الأمر بسعيهم الحثيث لتأمين هذه العقاقير “تهريباً” مقابل المربح الهائل الذي سيحصلون عليه عند بيعها، ولعلّ اللافت بالأمر، بحسب رأي الصيدلانية سوسن الصالح، هو توّجه الأهالي لشراء تلك العقاقير لأبنائهم لا العكس، ففي فترات ما قبل الحرب كان التعليم ونيل درجات عالية في الشهادتين يشكل هاجساً عند الطلاب أكثر من الأهالي على عكس ما نشهده اليوم، ولم تُخفِ الصالح وجود هذه المنشطات قُبيل الحرب وبيعها في الصيدليات، إلّا أن نسبة بيعها لم تكن في أكثر من 2% من الصيدليات في المدينة، في حين كانت صيدليات الريف تخشى الخوض في هذه التجارة، أما اليوم فنجد أن هذه النسبة تنطبق على الصيدليات التي لا تبيع هذه المنشطات للأسف، ولاسيّما أن التهريب لم يترك باباً إلا وطرقه من جميع السلع والأدوية والمنشطات وغيرها.

عند الباعة

وأوضحت الصيدلانية أن ما تغفل عن بيعه الصيدليات نجده عند باعة السوق الإلكتروني ممن نجد على صفحاتهم جميع المنتجات الطبية من منشطات وأدوية وكريمات تجميل وغيرها من مستحضرات طبية وتجميلية يتمّ طرحها بأدوات ترغيب وإعلانات رشيقة لا تخلو من عنصر التشويق والجذب، في حين هي غير صحيّة وغير مطابقة لأي مواصفات ولا تتم مراقبتها، ولم تنفِ الصالح أن تناول مثل هذه الحبوب والمنشطات لها تأثيرها في زيادة ساعات الصحو والاستيقاظ كما أنها تزيد من التركيز، لكنها في المقابل تؤثر على خلايا المخ مباشرة فآثارها الجانبية خطيرة، حيث إن استخدامها يسبب الإدمان، وكلما زادت الجرعة كانت العواقب خطيرة، أولها وصول الشخص لحالات من الاضطرابات النفسية وفي حالات الإفراط في استخدامها يصل الأمر إلى الهذيان وربما يؤدي إلى الوفاة.

الأبواب موصدة! 

وفي محاولاتنا التواصل مع نقيب صيادلة سورية أو حتى فروعها كانت الأبواب موصدة أمامنا كالعادة، ليؤكد لنا مصدر من نقابة ريف دمشق أن يد النقابة وحدها غير كافية لضبط جميع الصيدليات المخالفة، وخاصّة في مناطق الأرياف، إذ ساعدت ظروف ما بعد الحرب وما رافقها من تطور إلكتروني بوصول الكثير من السلع والعقاقير والمنتجات الطبية الممنوع وجودها في البلد إلى أيدي الكثيرين، وتسعى النقابة بفروعها لضبط أي مخالفة ترد إليها، إلّا أننا لا زلنا نعاني من غياب ثقافة الشكوى وسيطرة فكرة عدم استجابة النقابة أو أي جهة مسؤولة لشكاوى المواطنين، مشيراً إلى أن لجان المراقبة والتفتيش تمارس مهامها بشكل يومي وتقوم بعمليات مسح شاملة للصيدليات جميعها، وخاصّة التي ترد حولها شكاوى أو شكوك ببيعها المرضى أي صنف دوائي غير مسموح ببيعه دون وصفة طبية مختومة من الطبيب، إلّا أن المخالفات لا تزال مستمرة وخاصّة في الشهر الحالي وشهر الامتحانات التي ينتعش فيها بيع المنشطات على شكل حبوب في الصيدليات أو حتى عبر الانترنت، علماً أن الكثير من الأعشاب الطبية يكون لها تأثير أفضل بكثير من الحبوب تلك التي غاب عن ذهن الأهالي ضرورة معرفة منشئها وآثارها السلبية التي تؤدي للإدمان ومن ثم الانسياق وراء الأخطر.

عواقب وخيمة 

في المقابل تحدث أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة عن تحذير الجمعية بشكل مستمر من التسوّق الطبي الإلكتروني، لافتاً إلى أن عقاقير المنشطات من حبوب وغيرها من المنتجات الطبيّة تختلف عن باقي السلع الاستهلاكية والألبسة المروّج لها عبر الانترنت من المنحى الصحي وما تحمله من مخاطر في الكثير من الأحيان، لافتاً إلى أن بيع المنتجات الطبية عبر الانترنت يعتمد على فئة المهربين، أي أن أغلب هذه المنتجات غير مرخصة، وفي حال كانت مرخصة يجب على صاحب الإعلان أن يسجل بمنشوره أن المنتج مرخص بموجب السجل التجاري وبموجب الترخيص الصحي، ناهيك عن أن بيع أدوية المنشطات سواء في الصيدليات أو في عبر المواقع الإلكترونية يستدعي موافقة وزارة الصحة، فطرحها وبيعها في الصيدليات يعتبر مخالفاً دون وجود ترخيص من الوزارة ويتمّ التسجيل على العبوة مكونات المادة وفعاليتها، إلّا أن ما يحدث اليوم لا يخرج من دائرة الفوضى، وأشار أمين سر الجمعية إلى أن نقابة الصيادلة وجمعية حماية المستهلك في حالة رقابة مستمرة على الصيدليات والمواقع الطبية عبر لجانها المنتشرة، ولاسيّما أن بيع المنشطات أمر مخالف وعواقبه وخيمة على صحة وأعصاب المواطن.

جريمة إلكترونية

وشدّد حبزة على أن هذه المنتجات أو العقاقير أو المنشطات التي تباع عبر الإنترنت تعتبر مواد مجهولة المصدر ويتم ملاحقة المروجين لها من قبل الجمعية، إلّا أن الجمعية غير قادرة على فرض رقابة على جميع هذه المواقع، مشيراً إلى ورود بعض الشكاوى وحلّها عن طريق التواصل مع أصحاب المواقع أو الصفحات واسترداد المبالغ التي دفعها الضحية، ودعا أمين سر الجمعية إلى تشديد العقوبات على من يبيع هذه المنتجات في الصيدليات وعبر الانترنت ومعاملة المروّجين الالكترونيين معاملة الجرائم الإلكترونية.

شارك