العديد من المشاريع الحكومية التي تم تنفيذها خلال السنوات السابقة لم تعط النتائج المطلوبة بالشكل المخطط لها وربما يعود ذلك للظروف الاقتصادية والمعيشية غير المستقرة لمعظم شرائح المجتمع، ومنها التأمين الصحي الذي تتنازع فيه الأطراف حول جدواه، فشركات التأمين تسعى للحصول على مكاسبها الخاصة بها ومن جهة ثانية تبحث الصيدليات عن أرباحها، أما العامل “الموظف “فيسعى جاهداً لتلبية احتياجاته العلاجية بين العقود مع تلك الجهات، فالعديد من الصيدليات وبنسبة كبيرة لا تتعامل مع شركات التأمين الصحي بحجة عدم الجدوى منه كونه يتسبب بخسائر لهم في معظم الأحيان.
حالات مستبعدة
ترفض العديد من الصيدليات التعامل مع شركات التأمين الصحي، حيث يعاني الموظفون والعاملون في القطاعات العامة والخاصة من إيجاد صيدلية تصرف لهم الدواء المطلوب بحجة عدم التعامل مع تلك الشركات، ومن خلال بحثنا ودخولنا لعدد كبير من تلك الصيدليات علمنا أن هناك عدد من تلك لم تتقبل فكرة التعاقد مع شركات التأمين الصحي، بينما أنهت الصيدليات الأخرى هذا التعاقد وأوقفته بعد فترة من التعامل به، أما تلك التي أبرمت العقود يبدو عليها علامات الندم وهي تعمل لإيقافه خلال الفترة القادمة.
الدكتورة وفاء كيشي نقيب صيادلة سورية تبين لـ “البعث” أهمية مشروع التأمين الصحي في سورية وهو موجود في كل دول العالم يتم من خلاله خصم جزء من الأجر الشهري للموظف أي ما يعادل 3% مقابل توفير خدمات علاجية له، وهنا علينا التأكيد بأن التأمين الصحي لا يتضمن العلاجات التجميلية والأدوية التكميلية كالفيتامينات وبعض التحاليل التي لايمكن أن يغطي نفقاتها التأمين أو حتى بعض العمليات ذات التكلفة العالية، وهذه الشروط مطبقة عالمياً في كافة أنظمة التأمين، أما عن رفض بعض الصيدليات التعاقد مع شركات التأمين فهو يعود للتضخم وغلاء لوازم الإنتاج وعدم استقرار أسعار الدواء.
خلل التعاقد
في مشروع التأمين الصحي يجب على الأطراف التعاقد فيما بينهم لتفعيل النتائج الإيجابية لهذا المشروع، لكن جميع المؤشرات تدل على عدم تكامل دائرة التعاون لأن رفض بعض الصيدليات وهي نسبة كبيرة ترفض التعاطي مع فكرة التأمين الصحي بحجة “مابتوفي “، وهنا لابد أن نتسأل عن الطريقة التي يمكن تشجيع الصيادلة للتعاون مع شركات التأمين.
المدير العام السابق لشركة تاميكو فداء علي تحدث لـ “البعث” عن هذا الخلل في مشروع التأمين الصحي حيث لا يمكن إجبار أي صيدلاني على التعامل مع شركات التأمين ولهم الحرية الكاملة في التعامل مع التأمين الصحي، ولا يمكن لأي جهة إجبارهم على التعاقد مع تلك الشركات، وبالعموم هذا يعود لظروف كل صيدلاني على تحمل تفاصيل هذا التعاون وانعكاساته على الأرباح والتكاليف لديه، ويقع الدور على عاتق شركات التأمين وكسب أكبر عدد من الشركاء لضمان نجاحهم واستمرارهم، ومن جانب آخر يحق للصيادلة البحث عن مصالحهم في هذه المشاركة وعدم تحمل أعباء إضافية تؤثر على عملهم وإيراداتهم.
التلاعب بالنسب
في هذه المعادلة التي يبحث الجميع فيها عن مكاسبه وايراداته من عملية التأمين الصحي يبقى الموظف هو الحلقة الأضعف، حيث أكد العديد من العاملين أنه يفرض عليهم التأمين ويخصم من راتبهم تلك النسبة على أمل حصولهم على حقهم بالعلاج والاستطباب إلا أن شركات التأمين لا تعطيه نسبة مقبولة من العلاج وتكتفي بتغطية جزء بسيط منه أي ما يقارب 30% فقط، وهنا لابد من التأكيد بأن المحتاجين للعلاج وللأدوية هم الموظفين كبار السن ويعتبرون نسبة قليلة من الموظفين، بمعنى آخر أن الشركات تستطيع تغطية نسبة أعلى وأكبر من المتطلبات العلاجية.
أخيرا
في الواقع المليء بالفوضى لا تستطيع أن ترمم أخطاء متناثرة، وإنما يجب إعادة دراسة الواقع وآليات العمل والنهج المتبع في تحديد المسؤوليات وبين الواجبات والحقوق، جميعنا يعلم بأن شركات التأمين هي الأكثر ربحا في هذه الدائرة ومع ذلك لا تخجل أبدا من التلاعب على الصيادلة من جهة وعلى الموظف من جهة أخرى وكأنها تقول إنها موجودة لتجني الأرباح فقط والتهرب من مسؤولياتها.