الأغنى بمواردها وتغرق في دوامة الفقر.. ديون الدول النامية 9 تريليونات دولار.. والتنمية بمستويات حرجة!

وقع العديد من البلدان النامية ومن بينها الدول العربية في فخ المديونية الخارجية وبلغ حجمها مستويات حرجة باتت تؤثر في الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لهذه الدول.

ويلفت الخبير الاقتصادي أنس نغنغ الى أن تخلف اقتصادات الدول النامية ومنها الأقطار العربية بصورة عامة وتفاقم حدة الديون الخارجية على وجه الخصوص أدى إلى مزيد من التبعية للدول المتقدمة الدائنة، التي أصبحت تتحكم في مسارات التنمية في الدول المدينة، وتأخذ هذه التبعية أشكالاً وأنماطاً مختلفة منها التبعية التجارية والمالية والتكنولوجية.

والتساؤل الذي يطرح نفسه الآن وبإلحاح هو: هل ساعدت هذه الأموال الدول النامية ومنها الدول العربية على تحقيق التنمية المنشودة؟ وما انعكاسات المديونية الخارجية على مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية المدينة؟ وإلى أي حدٍّ أثرت أزمة المديونية الخارجية في القرار السياسي العربي؟.

ويمكن القول حسب نغنغ إن المحصلة العامة لتفاعل أزمة الديون الخارجية والنتائج المترتبة عليها، قد أثرت سلباً في مستويات المعيشة لأغلبية الدول المدينة وأدت إلى تفاقم الفقر في هذه الدول

الصورة قاتمة بالنسبة للدول النامية.. تأمين الكهرباء والأسمدة والأغذية والأموال سيكون محدوداً لفترة طويلة

ويضيف نغنغ رغم أن البنك الدولي بعد جائحة كورونا تبنى في السنوات الأخيرة سياسة التصدي لمسألة الفقر وأنه يجب أن يكون من بين مكونات السياسة العامة لأي دولة ترغب في تخفيف عبء ديونها أو الحصول على قروض جديدة, إجراءات تخفف وطأة الفقر في المجتمع، إلّا أنه ومنذ الثمانينيات عموماً فإن أزمة الديون الخارجية عولجت بوصفات تنطوي على العديد من الإجراءات المجحفة بالدول النامية. وكثيراً ما تفرض الأطراف الدائنة والمانحة للقروض اتباع سياسات اقتصادية ترتكز على حزمة من الإجراءات التي تؤثر سلبياً في المجتمع مثل: تخفيض قيمة العملة المحلية – وما ينجر عن ذلك من تسارع لمعدلات التضخم الذي يعدّ العدو الأول للفقراء – وإلغاء الرسوم والضرائب على السلع المستوردة وتخفيض الإنفاق العام ورفع الدعم عن السلع والخصخصة وكلها سياسات تؤدي إلى زيادة تدخل الدول الدائنة وشركاتها المتعددة الجنسية وتغلغلها في اقتصادات الدول المدينة والتحكم فيها.
وكان البنك الدولي أعلن في تقريره قبل أيام أن ديون الدول النامية زادت بأكثر من الضعف خلال العقد الماضي لتصل إلى تسعة آلاف مليار دولار (تسعة تريليونات دولار) بنهاية 2021، مؤكداً أن مخاطر وقوعها في أزمة قد ازدادت.

وحسب “وكالات”، جاء في تقريره السنوي حول الديون،إ نحو 60 في المئة من أفقر الدول توشك على مواجهة أزمة ديون أو إنها تواجهها فعلاً، ولاسيما في ظل انخفاض قيمة عملتها في مقابل الدولار في سوق الصرف لأن الدين غالباً ما يكون مقوماً بالدولار لكن أيضاً بسبب ارتفاع معدلات الفائدة منذ مطلع العام.

المحصلة العامة لتفاعل أزمة الديون الخارجية والنتائج المترتبة عليها قد أثرت سلباً في مستويات المعيشة لأغلبية الدول المدينة وأدت إلى تفاقم الفقر في هذه الدول

قال رئيس البنك الدولي في بيان: “إن أزمة الديون التي تواجهها الدول النامية قد اشتدت.. يواجه كثير من هذه الدول مخاطر مالية وعدم استقرار سياسي مع وقوع ملايين الأشخاص في براثن الفقر” إذا لم تتخذ خطوات لمساعدتهم.

وأضاف” الصورة قاتمة بالنسبة للدول النامية.. تأمين الكهرباء والأسمدة والأغذية والأموال سيكون محدوداً لفترة طويلة”.

ومن الصعوبات الإضافية التي تواجهها أكثر الدول فقراً، أنها تنفق الآن أكثر من 10 في المئة من دخلها السنوي من الصادرات لسداد ديونها، وهو أعلى مستوى منذ بداية الألفية الثالثة.

وينبغي لها أيضاً تسديد مبالغ كبيرة. ففي عام 2022، على الدول التي يمكنها الاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي أن تسدد أكثر من 62 مليار دولار، وهي زيادة كبيرة على عام. وسيخصص ثلثا هذا المبلغ للصين.

فقد تغيرت تركيبة دائني الدول النامية بشكل كبير كما ذكر البنك الدولي.

فكانت الديون حتى فترة قصيرة وبشكل كبير في أيدي الدول الأعضاء في نادي باريس (نحو 20 دولة منها مجموعة السبع وروسيا) فيما باتت الآن بشكل أساسي في أيدي القطاع الخاص (61 في المئة).

وشهدت كثير من الدول غير الأعضاء في نادي باريس وعلى رأسها الصين والهند وكثير من دول الخليج، زيادة في حصتها حيث تمثل الصين وحدها في بعض الأحيان نصف القروض من دولة أخرى.

ويؤدي تعدد الجهات إلى زيادة تكاليف الاقتراض للدول المعنية ويزيد صعوبات إعادة هيكلة ديونها قبل أن تخرج عن السيطرة، كما كان الحال أخيراً في سريلانكا مع عواقب وخيمة في كثير من الأحيان على الدول المعنية.

وثمة مشكلة أخرى تتمثل في المعلومات المتعلقة بالديون ولاسيما بين الدول التي غالباً ما تكون غير كاملة.

هل استجرار الديون يحقق تنمية ناجعة؟!

وقال كبير الاقتصاديين في البنك الدولي “غياب الشفافية هو أحد أسباب وقوع الدول في أزمة”.

وأضاف “تسمح الشفافية بفاعلية أكبر لإعادة جدولة الدين لتستعيد الدول سريعاً استقرارها المالي والنمو”.
إلى ذلك، عدل البنك الدولي من توقعاته بالنسبة لنمو الاقتصاد الهندي خلال العام المالي الحالي، حيث رفع توقعاته من 6.5 إلى 6.9 في المئة.

ونقلت وكالات للأنباء عن دروف شارما، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، القول خلال مؤتمر صحافي في نيودلهي إن رفع التوقعات يرجع بصورة كبيرة إلى أن بيانات إجمالي الناتج المحلي الأخيرة أظهرت انتعاش النشاط المحلي أكثر من المتوقع.

وأضاف أن الهند في وضع أفضل من أقرانها يؤهلها لامتصاص الصدمات المالية الخارجية هذا العام المالي، الذي ينتهي في آذار المقبل.

وبالنسبة للعام المالي 2024، خفض البنك من توقعاته للنمو من 7 إلى 6.6 في المئة.

تشرين

شارك