لماذا فشلنا في زراعة الموز وغيرنا نجح؟!

 

يتساءل كثيرون – ونحن منهم – لماذا فشلنا في إنجاح تجربة زراعة الموز البلدي التي أسسنا لانطلاقتها مطلع تسعينيات القرن الماضي في الساحل السوري، وعلى وجه الدقة والتحديد في مناطق ما يعرف بضهر صفرا ومتن الساحل والخراب، على بعد خمسة عشر كم شمالي مدينة طرطوس المتاخمة للشريط البحري، وقدمنا لها القروض الزراعية ورقائق شرائح اللفائف البلاستيكية ومستلزمات الري بالتنقيط والشتول والسماد والمبيدات، وسخرنا كوادر وخبرات وإمكانات مهندسينا الزراعيين في وحداتنا الإرشادية ودوائر ومديريات وزارتي الزراعة والتجارة الداخلية ومؤسسة الخضار والفواكه “وقتها” لتلقف وتسويق الإنتاج من المنتجين، ومع ذلك فشلنا في زراعة الموز، وبالأصح أن هناك من سعى لجعلها تفشل، وهذا ما كان، فغرق “المبتلون”  من المنتجين لسنوات طويلة بتبعات مستحقات القروض المستجرة!

ماذا تقول الزراعة؟ 

المهندس ياسر علي رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية زراعة طرطوس يقول عن هذه التجربة: إن زراعة الموز في المحافظة بدأت تجربةً ضمن صالات محمية خاصة بذلك من حيث المساحة والارتفاع ومستلزمات الإنتاج وبلغت المساحة المزروعة بالموز المحمي نحو 340 دونم وعدد البيوت المحمية 800 بيت إضافة إلى 120 دونم زراعة مكشوفة. ونتيجة لانخفاض أسعار الموز العالمية – كما يقول علي – واستيراده بكميات كبيرة وارتفاع الطلب على الموز المستورد في الأسواق المحلية إضافة لعدم توفر مستلزمات الإنتاج بكميات كافية من مياه وأسمدة وغيرها وعدم وجود أصناف ذات إنتاجية، انعكس ذلك بشكل سلبي على زراعته اقتصادياً في المنطقة وأدى إلى محدودية انتشاره وتراجع زراعته خلال الثلاثين عاماً الماضية، لتعود من جديد منذ حوالي خمس سنوات تقريباً.

وأدى التغير الملحوظ في العوامل المناخية لبيئتنا ومناسبتها لزراعة الموز المكشوف إلى دخول أصناف جديدة مناسبة ومتحملة للظروف البيئية المحلية كأنواع الموز المتقزم ذات الإنتاجية الجيدة جداً وقبوله من المستهلكين لطعمه ونكهته ساهم ذلك في زيادة الطلب عليه مما أدى في نهاية المطاف إلى زيادة المساحات المزروعة في المنطقة الساحلية عموماُ.

والغريب أن لبنان المجاور لا يبعد عن مناطق استهداف زراعة الموز عندنا أكثر من خمسين كم طرقي كما أن أجواءنا المناخية والطبيعية والبشرية متماثلة إن لم نقل متطابقة فكيف نجحوا وفشلنا في هذه الزراعة!؟

علما أننا في كل عام نستورد بالقطع الأجنبي بموافقات استثنائية حكومية ما لا يقل عن خمسة آلاف طن سنويا من الموز اللبناني الرخيص نسبيا مقارنة بالموز الصومالي الذي نستورده لتغطية وتلبية احتياجات السوق المحلية وغني عن البيان أن الصومال تتصدر الدول المنتجة للموز عالميا وأن ناتجها القومي يقوم على زراعة الموز بعد أن أصبح ثروة طبيعية تدر عليها الأموال الطائلة ومصدر دخلها الرئيسي.

مع ذلك 

هناك من المزارعين المنتجين في ذات المناطق السابقة الذين “تجرؤوا” بمبادرة فردية لإعادة إنعاش التجربة وعلى مايبدو أنهم نجحوا من خلال اختيار واستقدام الفسائل المناسبة وبدؤوا تسويق انتاجهم الذي مازالت أرقامه متواضعة بطبيعة الحال، فهل نشهد مقاربة رسمية مختلفة تتلقف زراعة الموز وتعيد إحياءها ودعمها وتأمين سبل إنجاحها كما نجح اللبناني ولن نقول الصومالي للاستغناء عن استيراد الموز توفيرا للقطع الأجنبي وتوظيفه في مطارح أخرى.

البعث

شارك