التمويل السكني.. التشدد في “نظافة” العقارات يساهم بارتفاع أسعار “المفرز” منها

لا يزال التمويل العقاري يشكل معضلة لدى أغلب شرائح المجتمع خاصة ذوي الدخل المتوسط وما دون، لأسباب تتعلق بالمصارف بالدرجة الأولى التي لم تستطع حتى الآن إيجاد صيغة مناسبة تناسب مستوى دخل الفرد السوري، وأخرى تتعلق بخصوصية العقارات السورية حيث القسم الأكبر منها غير مفرز أصولا في السجلات العقارية، أما القسم المفرز فنسبة كبيرة منه تشوب صحائفه العقارية إشارات الرهن والدعاوى القضائية… أسباب جعلت المصارف العامة والخاصة تتشدد في وجوب نظافة أي سجل أي عقار يستوجب التمويل، ما ساهم بارتفاع أسعار العقارات المفرزة ذات السجلات النظيفة أكثر من نظيراتها المشوبة بإشكاليات قانونية واجتماعية.

مدير فرع أحد المصارف الخاصة أكد أن أبرز الصعوبات التي تواجه البنك في  التمويل العقاري تتمثل بأن النسبة الأكبر من الشقق في سورية غير نظامية 100%، وتمتلك سند تمليك “طابو أخضر” خال من إشارات الحجز والرهن، فأغلب الوحدات السكنية – وإن كانت نظامية – ملكيتها مثبتة، إما بكاتب عدل أو بحكم محكمة، وغير ذلك من الأوراق التي لا يتم بموجبها وضع إشارة رهن لصالح البنك، وبالتالي فإن البنك لا يمول هذا النوع من الشقق، ناهيك عن أن 80% من العقارات في سورية غير مفرزة فضلا عن الإشارات القديمة التي لم ترفع عنها حتى الآن ومثال ذلك الأراضي التي يمر بها الخط الحديدي الحجازي عليها إشارات قديمة لا مبرر لوجودها.

وأضاف أن رغم أن القرض السكني موجه لجميع الشرائح، إلا أن البنك يطلب – من الناحية النظامية- المستندات التي تؤكد ملكية العقار لاسيما الطابو الأخضر الذي يشكل الحل الوحيد لضمان حق البنك، لأن البنك لا يستطيع وضع إشارة رهن على الأوراق الثبوتية الأخرى كحكم المحكمة وكاتب العدل، مشيرا إلى أن عدم تسجيل العقارات بشكل نظامي يعود لسبب الإجراءات الطويلة والمصاريف والرسوم المترتبة على ذلك.

لم يخف المتلهفون لامتلاك سكن يويهم وذويهم خيبة أملهم من التسهيلات المصرفية التي تفاءلوا بها مع قدوم المصارف الخاصة فأحد موظفي القطاع العام تحدث بنبرة لا تخلو من الأسى بعد أن قام بزيارات متكررة إلى عدد من المصارف الخاصة بقصد الحصول على تمويل سكني يخلصه من عبء الإيجار الذي أثقل كاهله، غير أنه اصطدم كغيره من ذوي الدخل المحدود بأن هذا التمويل موجه إلى غير هذه الشريحة، معتبرا أن المنظومة المصرفية الخاصة في سورية هدفها الأول والأخير تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح دون الاضطلاع بالدور التنموي والاجتماعي الذي طالما تغنت به في مؤتمراتها ومحافلها المخملية، ويتبين هذا واضحا من خلال توجيه جلّ عملها نحو القروض الاستهلاكية التي تستنزف جيوب ومدخرات المواطنين.

البعث

شارك