بعد أكثر من سنتين على إطلاقه.. أين الدفع الإلكتروني؟ … عربش  البنية المصرفية غير قادرة على هذه الكمية من التعاملات

رغم مرور نحو سنتين ونصف السنة على إطلاق خدمة الدفع الإلكتروني في سورية إلا أن تطبيقها واستخدامها من المواطنين ما يزالان ضمن نطاق ضيق، حتى إن اتساع استخدامها من القطاع العام ما يزال محدوداً وبطيئاً، فما أسباب عدم التوسع في تطبيق الخدمة لتشمل كل القطاعات العامة والخاصة؟ وما الصعوبات التي تواجه آلية تطبيق الخدمة؟ وما الإجراءات الواجب اتباعها لتفعيل هذه الخدمة بشكل أكبر؟

الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش بين في تصريح لـ«الوطن» أن البنية التحتية للتعامل بخدمة الدفع الإلكترونية ليست جاهزة من الناحية التقنية لغاية الآن بسبب ضعف الإنترنت والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي وقدم التجهيزات التي تخص تطبيق مثل هذه الخدمة إضافة إلى أن التشبيك بين القطاعات ليس بالمستوى المطلوب، مؤكداً أن هناك مشكلة واضحة تقف عائقاً دون توسع تطبيق الخدمة تتعلق بشكل أساسي بالناحية الفنية إضافة لعدم عدم كفاية الكوادر البشرية وعدم كفاءتها.

وأضاف عربش: إنه ليس هناك ثقافة اجتماعية في سورية للتعامل بهذه الخدمة نتيجة ضعف الترويج لها، مشيراً إلى أن إدارة هذا المشروع ما زالت تعمل في مرحلة التجريب لحين معرفة الأنسب لتطبيقه ونجاحه.

ولفت إلى أنه في ظل الظروف المعيشية الصعبة للمواطن حالياً لا تستطيع نسبة كبيرة من المواطنين ادخار رصيد معين من أجل تحويله إلى المصارف ووضعه في حساباتهم البنكية، حتى إن التضييق والإجراءات المتبعة من المصارف من خلال تحديد سقوف محددة لسحب المبالغ لم تشجع المواطن اليوم على التعامل بالدفع الإلكتروني الذي بات يفضل أن يقتني أمواله في منزله بدلاً من التعامل مع المصارف، ولم تشجع التاجر الذي يملك فائضاً من الأموال للتعامل مع المصارف في سورية لممارسة الدفع الالكتروني، حتى إن التعامل مع المطاعم والمولات بالدفع الإلكتروني قليل جداً ومعظمهم يقول إنه لا يملك جهازاً خاصاً للدفع إلكترونياً ويفضلون التعامل بالكاش.

وأوضح عربش أن الدفع الإلكتروني يعتبر إحدى أدوات الاقتصاد السليم الذي يجب أن يكون وفقاً للقوانين الاقتصادية السليمة ويتطلب حرية في التعامل وتسهيل الإجراءات وتبسيط التشريعات، أما في سورية فهناك صعوبة في تطبيقه نتيجة عدم وجود قوانين اقتصادية سليمة، لافتاً إلى أن الغاية من الدفع الإلكتروني أن تكون كل العمليات النقدية مؤتمتة إلكترونياً بالكامل ومراقبة والبيانات الخاصة بهذه الخدمة جاهزة بالمجمل وليس فيها أي نقص.

وبين أن الدفع الإلكتروني مطبق في دول الجوار منذ سنوات، فعلى سبيل المثال هو مطبق في الأردن منذ أكثر من عشرين سنه لكن بحدود ضيقة، وفي بعض الدول يستطيع المواطن وضع الأموال الموجودة في جيبه في المصرف عن طريق الصراف، أما في سورية فالمواطن يعاني موضوع سحب راتبه من الصراف.

وختم بالقول إن القرار الذي صدر مؤخراً باعتماد المنظومة الإلكترونية للتقدم عن بعد لجميع أنواع المفاضلات وتسديد رسوم التقدم عبر وسائل الدفع الإلكتروني سيخلق مشكلة كبيرة لأن البنية المصرفية في سورية غير قادرة على تحمل هذا الكم من عمليات الدفع الإلكتروني باعتبار أن عدد الطلاب المتقدمين سيكون كبيراً جداً والشبكة لن تستطيع تحمل هذا الكم الكبير.

من جهته أكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق لـ«الوطن» أن هناك الكثير من المعوقات التي تقف في وجه انتشار هذه الخدمة لتشمل كل القطاعات، لافتاً إلى أن إيداع وسحب الأموال من المصارف أصبح اليوم مشكلة بحد ذاته لذا نرى أن نسبة كبيرة من المواطنين غير متشجعين على التعامل بالدفع الإلكتروني.

وأضاف من أجل تشجيع المواطن على التعامل مع المصارف إلكترونياً يجب أن تكون بيئة العمل الخاصة بالمصارف تتمتع بالمرونة الكافية، كما أن تعامل نقاط البيع بهذه الخدمة محدود جداً نتيجة عدم تفضيلها للتعامل مع المصارف من ناحية سحب الأموال والصعوبات الخاصة بذلك، لافتاً إلى أن تطبيق هذه الخدمة يحتاج لتشريعات مبسطة وبيئة مرنة وسهولة للتعامل مع المصارف.

وبين الحلاق أن التوزع الجغرافي للمصارف في كل دول العالم كبير، في حين أن المشكلة في سورية قلة عدد المصارف، وهذا الأمر لا يساعد في انتشار الخدمة وتشجيع المواطنين على التعامل بها، لافتاً إلى أن انخفاض قيمة الليرة السورية أدى إلى عدم تفاعل المواطن مع هذه الخدمة بالشكل الجيد.

الوطن

شارك